ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/09/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في الثاني والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري حيث قال إنه سيتابع الحديث عن غزوة بدر ومنها:
مكث النبي ﷺ في بدر 3 أيام ثم أمر بتجهيز المطايا ومن هناك أرسل ببشرى انتصار بدر، ثم سار إلى المدينة المنورة وكان معه 70 من أسرى الكفار وورد أنه قُتل منهم اثنان بحسب عادة العرب بسبب جرائمهم الحربية الكبيرة، أحدهما النضر بن الحارث والآخر هو عقبة بن أبي مُعَيط ولكن هذا الأمر ليس متفقا عليه عند المؤرخين، فقد وورد في السيرة الحلبية إنه عندما كان النضر في القيد، نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النضر للذي بجانبه: محمد واللهِ قاتلي، فإنه نظر إليّ بعينين فيهما الموت، فقال له: والله ما هذا منك إلا رعب، وقال النضر لمصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه: يا مصعب أنت أقرب من هذا إليّ رِحمًا فكلِّم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابي يعني المأسورين، هو والله قاتلي، فقال مصعب: إنك كنت تقول في كتاب الله كذا وكذا، وتقول في نبيه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وكنت تعذب أصحابه.
وورد في رواية أن أخته رثَتْه بأبيات شعرية وحين سمع ذلك رسول الله ﷺ بكى حتى اخضلت لحيته، وقال لو بلغني هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه.
وورد أيضا في رواية أن النضر عاش وأسلم وشارك في غزوة حنين مع الرسول ﷺ، أما عقبة بن أبي معيط فورد أنه قُتل في الطريق إلى المدينة وقتَله عاصمُ بن ثابت وفي رواية قتله عليٌّ رضي الله عنه، وفي رواية ورد أن النضر وعقبة كانا مما أشعلا الحرب ضد المسلمين ولذلك قُتلا.
على كل حال لا يمكن التأكيد أنهما قُتلا في الطريق إلى المدينة لأن هناك روايات أن عقبة قتل في موقع بدر أما النضر فورد عنه روايات مختلفة أنه قتل وورد أنه عاش وأسلم وإن كانت هذه الرواية ضعيفة.
لقد قُتل 70 من المشركين وأُسر 70 منهم يوم بدر وهذا ما ورد في مختلف التواريخ، ورد في البخاري أن الكفار في بدر كانوا سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً ومن بين الأسرى من تأثر بأسوة النبي ﷺ والصحابة وأسلموا.
وهناك علاقة بين انتصار الروم على الفُرس في انتصار بدر بحسب نبوءة الرسول ﷺ، ففي السنة الخامسة من النبوة نزلت سورة الروم وتنبأتْ بغلبة الروم على الفُرس، كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر فَارِس عَلَى الرُّوم لِأَنَّهُمْ أَصْحَاب أَوْثَان. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر الرُّوم عَلَى فَارِس لِأَنَّهُمْ أَهْل الْكِتَاب.
لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة خَرَجَ أَبُو بَكْر يَصِيح فِي نَوَاحِي مَكَّة يقول "ألم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْع سِنِينَ" فَقَالَ نَاس مِنْ قُرَيْش لِأَبِي بَكْر فَذَاكَ بَيْننَا وَبَيْنكُمْ زَعَمَ صَاحِبكُمْ أَنَّ الرُّوم سَتَغْلِبُ فَارِس فِي بِضْع سِنِينَ أَفَلَا نُرَاهِنك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ بَلَى فَارْتَهَنَ أَبُو بَكْر وَالْمُشْرِكُونَ فقال المشركون إذا غلبت الروم ستأخذون منا كذا وإذا انتصر الفرس ستأخذ كذا ووضعوا 6 أعوام لذلك، ففرح المسلمون بانتصار الروم يوم بدر عندما أخبر جبريل النبيَّ ﷺ يوم بدر بانتصار الروم على الفُرس وذلك يوم بدر.
لقد غيَّر النبي ﷺ فهْم أبي بكر وقال إن كلمة بضع تمتد إلى 9 سنين، يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"حين شارطَ أبو بكر - رضي الله عنه - أبا جهلٍ، وجعل مدار الشرط في نبوءة القرآن الكريم: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ} مدة ثلاثة أعوام لتحققها؛ غيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشرط بعض الشيء فورا نظرا إلى طبيعة النبوءة وقال لأبي بكر - رضي الله عنه - إن عبارة: {بِضْعِ سِنِينَ} مجملة، وتطلَق في معظم الأحيان على مدة تمتد إلى تسع سنين".
وقال عليه السلام أيضا:
"كان الفُرس في زمن النبي مشركين وكان قيصر الروم الذي كان مسيحيا ولكنه كان موحدا في الحقيقة، وما كان يؤمن بأن المسيح ابنُ الله، وعندما عُرض عليه ما ذُكر عن المسيح في القرآن الكريم قال ما مفاده: ليست مرتبة المسيح عندي أكثر من ذلك قيد ذرة. وما قاله القرآن الكريم شهادته موجودة في صحيح البخاري أيضا إذ جاء فيه ما معناه: أشهد أن هذا هو الكلام نفسه الذي ورد في التوراة، وأن المسيح ليس أكثر من نبي. عندها نزلت الآية: "ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ" أي سيغلب الروم قريبا (خلال 9 سنين). يقول النصارى خبثا منهم أن النبي ﷺ كان قد قدّر كلتا القوتين لذا أدلى بهذه النبوءة بفراسته.
نقول: كذلك كان المسيح أيضا يقدّر بالنظر إلى المرضى، ويشفي القابلين للشفاء. فبهذه الطريقة تفلت المعجزات كلها من اليد. "يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ" أي سيفرح المؤمنون بفرحتين، فرحة الانتصار في معركة بدر وفرحة على تحقق النبوءة عن الروم.
وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على المرحوم الأستاذ فراس عبد الواحد وذكر نبذة من حياته ودعا له بالرحمة ولذويه بالصبر والسلوان.