ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/09/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/09/2023، حيث تابع الحديث عن أحداث ما بعد معركة بدر وقال:
بعد هزيمة المشركين، قرر عمير بن وهب الذي كان من سادة قريش وممن يؤذي رسول الله وأصحابه، الانتقام وقتل النبي ﷺ في المدينة ولكن أراد الله شيئًا آخر وهداه للإسلام، وتفصيل ذلك أن ابنه وهب بن عمير قد وقع في الأسر في بدر، فجلس بعد المعركة مع صفوان بن أمية في مكة وكانا يتحدثان عن قتلى قريش في بدر، فقال صفوان: "والله ما إن في العيش بعدهم خير" فقال له عمير: صدقت، أما والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي فيهم عليه، ابني أسير في أيديهم، فقال له صفوان: "علي دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم"، فقال له عمير: "فاكتم علي شأني وشأنك". قال: "سأفعل." ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم في عدوهم، إذا نظر عمر إلى عمير بن وهب وقد أناخ راحلته على باب المسجد متوشحا السيف فقال سيدنا عمر: عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر، ثم دخل على رسول الله فقال: يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه، قال: فأدخله علي، فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال لمن كان معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون.
ثم دخل به على رسول الله، فلما رآه رسول الله وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: أرسله يا عمر، ادن يا عمير، فدنا ثم قال: أنعم صباحا، وكانت تحيه أهل الجاهلية بينهم، فقال رسول الله: قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة، فما جاء بك يا عمير، قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: فما بال السيف في عنقك، قال: قبحها الله من سيوف وهل أغنت شيئا، قال: اصدقني ما الذي جئت له؟ قال: ما جئت إلا لذلك، قال: بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بن أمية بدين وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك.
فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله. فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق، فقال رسول الله: فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن وأطلقوا أسيره، ففعلوا.
ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، فأذن له رسول الله فلحق بمكة، وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب يقول: ابشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف ألا يكلمه أبداً ولا ينفعه بنفع أبدا، فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام.
بعد أيام من بدر، وصل النبي ﷺ خبر التحالف القائم بين قبيلتيْ سليم وغطفان وعزمهما على مهاجمة المدينة والقضاء على الإسلام، فما كان من النبي ﷺ إلا أن حشد جيشًا قوامه مائتي مقاتلٍ تحت قيادته لمنع المعتدين من مهاجمة المدينة المنورة، وقد استخلف ﷺ على المدينة سِباع بن عرفطة -رضي الله عنه-، وقيل: عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه. سار الجيش نحو موضع تجمُّع قبيلتي سليم وغطفان عند قرقرة الكُدر، لكن عندما وصل المسلمون إلى هناك اتضح أنّ جيش تحالف القبيلتيْن قد فرّ هاربًا إلى أعالي الجبال المجاورة، فأرسل النبي ﷺ الفِرق لتعقبهم وتمشيط محيط المنطقة للتأكد من خلوِّها من أعداء المسلمين من القبيلتيْن فلم يجدوا أحدًا في المناطق المجاورة إذ هربوا جميعًا، وبذلك انتهت غزوة بني سليم دون قتال.