ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد في 10/11/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد في 10/11/2023، حيث تابع الحديث عن أحداث ما بعد بدر، ومنها تأسيس جنة البقيع وقال:
حين هاجر النبي ﷺ إلى المدينة كانت هناك مقابر كثيرة، فكانت لليهود مقابر خاصة، وكانت لشتى القبائل العربية مقابر خاصة، فكانت كل قبيلة تدفن أمواتها في الخلاء، وكانت مقبرة قباء مشهورة أكثر، وإن كانت هناك مقابر صغيرة أخرى كثيرة. كانت لقبيلة بني ظفر مقبرة خاصة ولبني سلمة مقبرة خاصة، ومن بين هذه المقابر الأخرى كانت مقبرة بني ساعِدة حيث أقيمت لاحقا سوقُ النبي. والمكان الذي بني فيه المسجد النبوي كانت فيه أيضا بعض مقابر المشركين في أشجار النخيل. وكانت من بين هذه المقابر كلها المقبرة الأقدم والأكثر شهرة "بقيع الغرقد"، وحين انتخبها النبيُّ ﷺ لتكون مقبرة المسلمين فهي من ذلك اليوم تحتل مكانة متميزة وستظل تحتلها إلى الأبد.
عن عبيد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله ﷺ يبحث عن مكان يجعله مقبرة خاصة بالمسلمين، وزار بعض الأماكن لهذا الغرض، وكان هذا الشرف قد قُدر لبقيع الغرقد، فقال النبي ﷺ: قد أُمرتُ بهذا، أي أن أختار بقيع الغرقد، وكان يقال له بقيع الخبخبة في ذلك العصر، وكان فيه كثير من الأشجار وأكثرها الغرقد. وكان المكان ممتلئًا بالبعوض والحشرات الأخرى، وعندما كانت تطير يبدو كأن هناك سحب من الدخان. وكان أول من دفن هناك عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - كما سبق ذكر ذلك، فوضع رسول الله حجرا عند رأسه وقال: "هذا قبر فرطنا". وكان إذا مات المهاجر بعده قيل: يا رسول الله، أين ندفنه؟ فيقول: "عند فرطنا عثمان بن مظعون".
والبقيع مكان كثير النبات، وكان هذا المكان سمي ببقيع الغرقد لوجود أشجار الغرقد فيه بكثرة، كما كانت تكثر به نباتات صحراوية أخرى أيضا، ويقال له جنة البقيع، فالجنة في العربية الحديقة أو البستان، لذا يدعو الزوار العجم هذا المكان بجنة البقيع أكثر. لقد كتب هذا التفصيل الأستاذ عبد الحميد القادري، ثم يقول: لا يغيبن عن البال أن العرب يطلقون على مقابرهم كلمة "الجنة" نفسها. أحد أسماء هذه المقبرة "مقبرة البقيع" وهو مشهور في العرب أكثر.
كتب حضرة مرزا بشير أحمد - رضي الله عنه – في سيرة خاتم النبيين ﷺ أنه في العام الثاني بعد الهجرة، جعل النبي ﷺ لأصحابه في نهاية ذلك العام مقبرة يقال لها جنة البقيع، وبعده دفن فيها الصحابة عموما. وأول من دفن فيها من الصحابة هو عثمان بن مظعون. كان عثمان - رضي الله عنه - من أوائل المسلمين وكان صالحا وعابدا ومتصوفا، وبعد إسلامه استأذن النبيَّ ﷺ يوما في ترك الدنيا والأهلِ ليقف حياته لعبادة الله خالصة فلم يأذنْ له النبيُّ ﷺ بذلك.
لقد تلقَّى النبيُّ ﷺ صدمة كبيرة بوفاة عثمان بن مظعون. وفي رواية أنه حين توفي دخَل عليه النبيُّ ﷺ فقبَّل جبينه وعيناه تدمعان. وبعد دفْنه وضع حجرًا عند رأسه كعلامة، وبعد ذلك كان يرتاد جنة البقيع بين حين وآخر ويدعو له. كان عثمان أول مهاجر توفي في المدينة.
ومن بين أحداث هذه الفترة وفاة السيدة رقية، ابنة رسول الله ﷺ حيث توفيت أثناء معركة بدر وكانت زوجة لسيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه-. وبعد وفاتها لَقِيَ النبيُّ ﷺ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَال: "يَا عُثْمَانُ هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا". وبعد زواج السيدة أم كلثوم بفترة مر عليها رسول الله ﷺ وسألها "يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟" فقَالَتْ: خَيْرَ بَعْلٍ".
ولكن توفيت أم كلثوم أيضًا وقد قال رسول الله ﷺ: "لَوْ كَانَ عِنْدَنَا أُخْرَى لَزَوَّجْنَاهَا بِعُثْمَانَ".
وفي ختام الخطبة، حث أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز الأحمديين على الاستمرار بالدعاء للفلسطينين وقال إن بعض الساسة قد بدأوا الآن برفع أصواتهم ضد الظلم كما يقف بعض اليهود ضد ذلك أيضا. يقول الإسرائيليون الآن إننا سنتوقف 4 ساعات يوميا لتصل المساعدات للفلسطينيين، الله أعلم بمدى فعالية هذه الخطة فهم بعد ذلك يقصفون المناطق كلها، والساسة لا يقيمون وزنا لأرواح الفلسطيين ولكن يجب أن يتذكروا أن الله يمهل ولا يهمل وهناك الحياة الآخرة ويمكن أن يبطش الله بهم في الدنيا أيضا ولكن عليهم أن يتذكروا أنهم سيحاسبون في الآخرة. فيجب أن نكثر من الدعاء أن ينقذ الله الفلسطينيين من هذه المظالم.
ثم أعلن نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين، وذكر نبذة من حياتهم.