ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد في 17/11/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد في 17/11/2023، حيث تابع الحديث عن أحداث ما بعد بدر، وقال:
ذهب زيد بن حارثة في السنة الثالثة للهجرة في سرية إلى قردة، ووردت هذه القصة في سيرة خاتم النبيين كالآتي:
حين وجد المسلمون نفَسا من هجمات بني سليم وبني غطفان اضطروا إلى أن يخرجوا من أجل إزالة خطر آخر، كان أهل قريش يذهبون إلى الشام عن طريق الساحل لتجارتهم الشمالية ولكن الآن تركوا هذا الطريق لأن أهل قبائل هذه المنطقة كانوا قد أصبحوا حلفاء المسلمين ولم يعد لقريش فرصة ليقوموا بأي شرّ بل كانوا يرون هذا الطريق الساحلي خطيرا عليهم، لذا تركوا هذا الطريق واختاروا الطريق النجدي البالغ إلى العراق الذي كان عليه القبائل الحليفة لقريش وأعداء أشداء للمسلمين مثل قبائل سُليم وغطفان. فبلَغ النبيَّ ﷺ في جمادى الثاني أن قافلة تجارية لقريش تمر بالطريق النجدي، ومن البديهي أنه لو كان مرور قوافل قريش بطريق الساحل يشكل خطرا على المسلمين فكان مرورهم بالطريق النجدي أيضا خطيرا بل كان خطيرا أكثر لأن في هذا الطريق كان حلفاء قريش الذين كانوا يريدون قتل المسلمين مثل قريش، وكان من الممكن أن يجتمعوا مع قريش ويشنّوا هجوما سرّيا على المدينة بكل سهولة أو يقوموا بنوع من الشرّ والفتنة، وكذلك كان ضروريا لإضعاف قريش وإجبارهم على الصلح أن تُوقَف قوافلهم على هذا الطريق أيضا، لذا بعد وصول هذا الخبر أرسل النبي ﷺ فورا كتيبة من صحابته بقيادة زيد بن حارثة. كان في هذه القافلة التجارية رؤساء قريش مثل أبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية. لقد أدى زيدٌ واجبه بكل استعداد وذكاء، ولحق بأعداء الإسلام هؤلاء في القردة بنجد ففزعت عير قريش من هذا الهجوم المباغت فتركوا أموالهم وهربوا، وعاد زيد وأصحابه إلى المدينة ناجحين مع كثير من الغنائم. كتب بعض المؤرخين أن شخصا يُدعى "فرات" كان دليلَ عير قريش وكان قد أُسر على أيدي المسلمين وأُطلق سراحه لأنه أسلم. ولكن يتبين من بعض الروايات الأخرى أنه كان جاسوس المشركين ضد المسلمين ولكنه أسلم فيما بعد وهاجر إلى المدينة.
وهناك حادث آخر وقع في تلك الأيام وهو مقتل كعب بن أشرف، وكان من رؤساء المدينة وكان قد عاهد النبي ﷺ ولكنه بعد المعاهدة قام بنشر الفتن، ورد في البخاري:
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ". فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ " نَعَمْ ". قَالَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ " قُلْ ". فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا، أَوْ وَسْقَيْنِ ـ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ ـ فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِي. قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ تُرِيدُ قَالَ فَارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ. هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ ـ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ ـ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ ـ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ ـ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ ـ فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ. وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا ـ أَىْ أَطْيَبَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ عَمْرٌو فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ. فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ.
وفي ختام الخطبة، قال أمير المؤمنين نصره الله:
يجب الاستمرار بالدعاء للفلسطينيين فقد بلغ الظلم ذروته، وهم باسم الحرب على حماس يقتلون الضعفاء والأطفال ويخالفون جميع أعراف الحرب. ادعوا الله أن يهب العقل للبلاد الإسلامية، لقد كتب المصلح الموعود t قبل 72 عامًا أن على المسلمين أن يتحدوا ويحافظوا على وحدتهم وبقائهم.
لقد قيل لي أن من يذهبون للعمرة هذه الأيام يقال لهم إن عليهم أن لا يتكلموا عن الحرب بين الفلسطينيين وإسرائيل هناك، وأن الحكومة عندما تعطيهم التأشيرة تنصحهم بذلك فإذا كان هذا الأمر صحيحًا فإن هذا جبن يظهر من بلاد مسلمة.
صحيح أن عليهم أن يؤدوا حق عبادة العمرة وأن لا يتحدثوا بأمور الدنيا ولكن يجب أن يدعوا للفلسطينيين المظلومين. لما يرفع المسلمون صوتهم فإنه يكون ضعيفا وهناك بعض الأصوات قد ارتفعت بقوة من بين غير المسلمين.
ندعو الله أن يمنح المسلمين الشجاعة. إن سكرتير الأمم المتحدة يتحدث بصورة جيدة ولكن يبدو أنه لا أهمية لصوته وإذا انتشرت هذه الحرب لحرب عالمية فيبدو أن الأمم المتحدة سيقضى عليها. ويبدو أن العالم يقرب دماره رويدًا ورويدًا فندعو الله أن يهب من سينجون من هذه الحرب العقل حتى يعترفوا بالله تعالى ويتقربوا منه. يجب أن ندعو كثيرًا أن يرحم الله العالم كله آمين.