الوقت وقت الدعاء
"اعلموا، أرشدكم الله، أن الأمر قد خرج من أن يتهيأ القوم للجهاد .... فإنا نرى المسلمين أضعف الأقوام، في ملكنا هذا والعرب والروم والشام، ما بقيت فيهم قوة الحرب، ولا عِلْمُ الطعن والضرب، وأما الكفار فقد استبصروا من فنون القتال، وأعدوا للمسلمين كل عدَّة للاستئصال، ونرى أن العِدا من كل حدب ينسلون، وما يلتقي جمعان إلا وهم يغلبون. فظهر أن الوقت وقت الدعاء، والتضرع في حضرة الكبرياء، لا وقت الملاحم وقتل الأعداء. ومن لا يعرف الوقتَ فيُلقي نفسه إلى التهلكة. ولا يرى إلا أنواع النكبة والذلة ...
وإن الحرب نهبت أعمارهم، وأضاعت عسجدهم وعقارهم، وما صلح بها أمر الدين إلى هذا الحين، بل الفتن تموجت وزادت، وصراصر الفساد أهلكت الملة وأبادت، وترون قصر الإسلام قد خرَّت شَعَفاته، وعفِّرت شُرَفاته، فأي فائدة ترتّبت من تقلّد السيف والسنان، وأي مُنية حصلت إلى هذا الأوان، من غير أن الدماء سُفكت، والأموال أُنفدت، والأوقات ضُيِّعت، والحسرات أضعفت. ما نفعكم الخَميس، ووُطِئتم إذا حمِى الوطيسُ.
فاعلموا أن الدعاء حربةٌ أُعطيت من السماء لفتح هذا الزمان، ولن تغلبوا إلا بهذه الحربة يا معشر الخلان. وقد أخبر النبيون من أولهم إلى آخرهم بهذه الحربة، وقالوا إن المسيح الموعود ينال الفتح بالدعاء والتضرع في الحضرة، لا بالملاحم وسفك دماء الأمة". (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية مجلد 20 ص 81 - 82).