ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/12/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/12/2023، حيث تابع الحديث عن غزوة أحد وقال:
ألحق المسلمون الهزيمة بالكفار الذين اضطروا للهروب من الميدان، ولكن ورغم أن النبي ﷺ قد أوصى كتيبة الصحابة التي على الجبل أن لا يتركوا المكان مهما حصل، إلا أن غالبيتهم قد تركوه فهاجمهم العدو من هناك وألحقوا أضرار فادحة بالمسلمين.
كان النبي ﷺ قد أمّر على كتيبة الجبل عبد لله بن جبير الذي نهاهم عن ترك المكان وعصيان أوامر رسول الله ﷺ فقالوا له لقد انهزم المشركون فلماذا نبقى؟ فتركوا المكان ولم يبق مع عبد الله إلا حوالي عشرة صحابة.
في تفسير قوله تعالى:
"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"
قال المفسرون أن الصحابة قد نزلوا من الجبل لجمع الغنائم يريدون بذلك الدنيا، أما عبد الله ومن بقي معه فقد أرادوا الآخرة.
إن مجرد التفكير بذلك أمرٌ غير لائق بالصحابة الذين تركوا ديارهم وأولادهم وأزواجهم وكانوا يضحون بأنفسهم وأموالهم في سيبل الله ورسوله وكانوا يتشوقون للشهادة وقد رأينا كيف كانوا يريدون الخروج من المدينة شوقًا للشهادة وهذه المعارك لم تكن أصلًا لجمع الغنائم، رغم أن الفوز بها تحصيل حاصل ولكن لم تكن هذه غاية الصحابة، وقد أخطأ المفسرون والمؤرخون وأصحاب السير في فهم الأمر وربما كان ذلك بناء على رواية معينة فقالوا إن الصحابة قد نزلوا لجمع الغنائم، وهذا ينافي حال النبي ﷺ وصحابته الذين تربوا علي يديه، فبالنظر إلى تضحياتهم وحماسهم للشهادة يصعب أن نصدق أنهم تركوا الجبل لجمع الغنائم، ويبدو أنهم لما رأوا المسلمين يلاحقون العدو أرادوا المشاركة في هذه الفرحة وربما خطر ببالهم أن إخوتنا يشاركون في الجهاد ونحن نقف في الجبل فحماسهم للمشاركة بسبب انتصار المسلمين دفعهم لذلك، لكن أميرهم عبد الله بن جبير كان يرى أن ينفذ ما قاله النبي ﷺ إنه مهما حدث لا تبرحوا المكان وهذا هو الرأي الصائب.
يقول سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: "مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ" ليس المراد هنا الحياة الدنيا والحياة الآخرة بل النتيجة الأولى والنتيجة النهائية والقول إنهم هرعوا إلى الغنائم مناف للعقل ففي بدر حصل بعض الصحابة الذين لم يشاركوا في المعركة على الغنائم، كما أن هذا لا يليق بالصحابة الذين أرادوا المشاركة في أحد لقتال الكفار ونيل الشهادة. "وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَة" أي أن أمير الكتيبة والصحابة الذين بقوا معه أرادوا النتيجة النهائية وكانوا يرون العواقب فكانوا يفضلون طاعة النبي ﷺ على المشاركة في الجهاد أما أنتم فتريدون المشاركة في الجهاد فقط وهذا يتوافق مع شأن الصحابة.
يقول الخليفة الرابع رحمه الله: لقد بين المصلح الموعود في ملاحظاته نكتة رائعة وهي أن المراد من الدنيا ليس جمع الغنائم بل أرادوا الفتح وكانوا ينظرون إلى ما ظهر أولًا، أما عبد لله بن جبير فكان ينظر للآخرة وهو طاعة النبي ﷺ وكان يرى ذلك الفوز الأكبر وأراد الفوز برضوان الله ورسوله. ويقول سيدنا المصلح الموعود إن القول بأنهم يريدون الدنيا أمر غريب، فلماذا لا تحسنوا الظن بالصحابة؟! لقد كان الصحابة الآخرون يهنئون بعضهم بعضا فأراد الصحابة الذين كانوا على الجبل المشاركة في الاحتفال حيث يوجد النبي ﷺ، وأرادوا الاحتفال بتحقق وعد الله ولكن عبد الله كان ينظر للآخرة وهي أن الفرحة الأكبر هي أن نبقى هنا طاعة لأوامر النبي ﷺ.
إذن نزل حوالي 40 من الصحابة فلاحظ خالد بن الوليد الذي لم يكن مسلما بعد المكان خالٍ فهجم مع كتيبته على من بقي من هؤلاء الخمسين وقتلوهم، ثم نزلوا إلى المسلمين الغافلين وحاصروهم وهم يهتفون باسم العزة وهبل، ففزع المسلمون وتشتتوا فلم يكن لهم صفوف ولا تنظيم ورُفع لواء المشركين، ولما رأى أهل مكة أن الأوضاع قد تغيرت عادوا واجتمعوا حول لوائهم ثم حاصروا المسلمين المشتتين، فاستشهد عدد كبر من المسلمين وانقلب الفتح إلى هزيمة. وأُشيع بين القوم أن رسول الله قد استُشهد، فصار المسلمون يقتلون بعضهم خطأ وأوشك أن يُقتل المسلمون جميعهم لولا أن أنزل الله أفضاله. وفي هذه المعركة استشهد عم النبي ﷺ حمزة على يد وحشي وهو عبدٌ أسود أحضره معه المطعم بن جبير واعدًا إياه بالحرية إذا نجح في قتل حمزة. وقد جاء في رواية أن هند زوجة أبي سفيان قد نذرت لئن قدرت على حمزة لتأكلنّ من كبده وقد قامت بتنفيذ ذلك، وحين رأى النبي ﷺ ما حل بحمزة حزن كثيرًا ثم قال إن جبريل جاءني وبشرني أن حمزة قد سجل في الجنة تحت اسم أسد الله ورسوله، وقال طالما أن الكفار يفعلون ذلك فسنفعل مثلهم ولكن أوحى الله إليه بحرمة التمثيل بجثث العدو.
وفي ختام الخطبة، حث أمير المؤمنين على مواصلة الدعاء للفلسطينيين وأن يوفق الله العالم لاتخاذ إجراءات حقيقية ضد الظلم. وقال:
على الرغم من ارتفاع الأصوات ضد هذا الظلم، إلا أن الجميع يبدون خائفين من الحكومة الإسرائيلية، أو لأن العالم الغربي هو بطبيعة الحال ضد العالم الإسلامي، فلهذا السبب لا يريد أن تنتهي هذه المظالم، ولهذا لا يتخذ الإجراءات اللازمة لإنهائها حتى لو ارتكبت ضد الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء. ومن ثم فعلينا مواصلة السعي لتفهيمهم خطأ ذلك، وعلينا أيضًا الاستمرار في الدعاء. نسأل الله أن يوفق العالم الإسلامي لإعلاء صوته لوضع حد لهذه المظالم.
ثم أعلن نصره الله أنه سيصلي الغائب على مرحومَين أولهما الشهيد الشيخ أحمد أبو سردانة الذي استشهد نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة والثاني هو عثمان أحمد من كينيا، وذكر نبذة عن حياتهما