ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 09/02/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 09/02/2024، حيث تابع الحديث عن غزوة أحد وقال:

يقول سيدنا المصلح الموعود:

"ورد في الحديث أن أبا سفيان في غزوة أُحد هتف بكل قوة: لنا عُزّى ولا عُزّى لكم، يزهو بتأييد هذا الصنم له، ولكن ليس للمسلمين (عزى) يؤيدهم. فأمر الرسول ﷺ أن يقول المسلمون: (الله مولانا ولا مولى لكم) أي: والينا وناصرنا هو الله الحي القيوم أما أنتم فلا والي ولا ناصر لكم. فما أروعها من شهادة عملية على صدقهم في قولهم (أنت مولانا)، حيث أعلنوا تحت ظلال السيوف أن ربنا قادر على حمايتنا".

وقال حضرته أيضًا:

"لما سمع المسلمون خبر استشهاد الرسول ﷺ سارع إليه مَن استطاع منهم وأخرجوه من تحت الجثث، فوجدوه حيًّا يتنفس، فحاولوا إخراج الحلقة من خده ففشلوا، فنزعها صحابي بأسنانه بصعوبة حتى انكسرت اثنتان من أسنانه، ثم رشّوا على النبي ﷺ الماء فأفاق. وكان معظم الصحابة قد تفرّقوا ولم يكن حول النبي ﷺ إلا قليل جدا منهم، فقال - صلى الله عليه وسلم - لهم: الأفضل أن نلوذ بسفح الجبل، فذهب بهم هنالك، أما باقي المسلمين فاجتمعوا حوله رويدا رويدا. وبينما كان الكافرون يرجعون نادى أبو سفيان بصوت عالٍ: لقد قتلنا محمدًا. فأراد الصحابة أن يردّوا عليه، ولكن النبي ﷺ منعهم من ذلك قائلا: إن معظم أصحابنا مشتتون، وقد قُتل كثير منهم وجرحوا، ونحن قليلون ومنهكون جدًا، أما الكافرون فإنهم ثلاثة آلاف مقاتل، ولا بأس بهم، فليس من الحكمة الرد عليهم، فدَعُوهم وشأنهم، فلزم الصحابة الصمت. فأعلن أبو سفيان وقال: لقد قتلنا أبا بكر. فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرد عليه. ثم أعلن أبو سفيان قائلا: لقد قتلنا عمر أيضا. وكان عمر حادّ الطبع، فأراد أن يردّ على أبي سفيان، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - منعه، وقد قال عمر للرسول ﷺ فيما بعد: كنت أريد أن أقول له: إن عمر لا يزال حيًا ليشجّ رأسك. وعندما لم يتلق أبو سفيان أي جواب هتف عاليًا: اُعْلُ هُبَل .. أي أن إلهنا هبل قد أهلك محمدا وأصحابه. فظلَّ الصحابة صامتين لأن الرسول ﷺ  كان قد منعهم من قبل، أما النبي ﷺ ذلك الإنسان المقدس -الذي كان قد نهاهم عن الرد على أبي سفيان من قبل عند ادعائه بقتله ﷺ وقتل أبي بكر وعمر، لأن الجيش المسلم مشتت، وهناك خطر تكرار الهجوم من العدو- ثارت غيرته على وحدانية الله تعالى لما سمع هتاف "اُعْلُ هُبَل"، فالأمر الآن لا يتعلق بمحمد أو أبي بكر أو عمر، بل قد أصبح مساسًا بعظَمَة الله، فقال لأصحابه بحماس شديد: لماذا لا تردّون على أبي سفيان؟ فقالوا: يا رسول الله، بماذا نردّ عليه؟ قال: قولوا: اللهُ أعلى وأجلّ، الله أعلى وأجلّ. يا لها من غيرة على وحدانية الله تعالى. لقد نهى - صلى الله عليه وسلم - صحابته عن الرد ثلاث مرات، مما يعني أنه كان مدركًا لخطورة الموقف كل الإدراك. كان يعلم أن الجيش المسلم مشتت وليس حوله - صلى الله عليه وسلم - إلا قِلّة من أصحابه، وأكثرهم جرحى أو منهكون، وأن العدو لو علم باجتماع فئة من المسلمين فقد يهاجمونهم ثانية. ومع ذلك لم يُطِق النبي ﷺ السكوت حين أصبح الأمر يمسّ بعظمة الله، وقرّر الرد على العدو غير مبالٍ بالنتائج. فقال لصحابته: لماذا لا تردّون؟ لماذا لا تقولون: اللهُ أعلى وأجلُّ؟ الله أعلى وأجلُّ؟

وعن قوة إيمان الصحابة، قال المصلح الموعود رضي الله عنه:

"من وقائع غزوة أُحد أن النبي ﷺ بعث أُبيّ بن كعب ليبحث عن الجرحى ويتفقد حالهم. فوصل أُبيّ إلى سعد بن الربيع الذي كان قد أصيب بجراح بالغة وكان يلفظ آخر أنفاسه، فقال له: هل عندك رسالة تريد أن أبلّغها أقاربك؟ فتبسمَ سعد وقال: كنت أنتظر أن يأتيني مسلم لأحمله رسالتي، ولكني أرجوك أولاً أن تضع يدك في يدي وتعدني بتبليغ رسالتي إلى أهلها، ثم قال: أرجوك أن تبلغ إخواني المسلمين سلامي، وتقول لقومي وأهلي: إن رسول الله ﷺ أمانة ربانية عندنا، وقد دافعْنا عنه بمُهَجنا وأرواحنا، وها نحن نرحل الآن من الدنيا واضعين هذه الأمانة في أيديكم، فلا تقصّرُنّ في حفظها.

عندما يحين أجل المرء تخطر بباله أفكار شتى عن أهله وأولاده، فيقول: ماذا ستفعل زوجتي بعدي، ومَن سيرعى أولادي، ولكنك ترى أن ذلك الصحابي لم يترك أي رسالة كهذه، وإنما قال: يا قوم، ها نحن نغادر الدنيا مدافعين عن رسول الله ﷺ فسِيروا وراءنا على نفس الطريق. والحق أن هذه القوة الإيمانية في هؤلاء القوم هي التي جعلتهم يقلبون العالم رأسًا على عقب، ويطيحون بعروش قيصر وكسرى. كان قيصر الروم وكسرى الفرس مذهولين من أمر هؤلاء القوم، حتى كتب كسرى إلى قائده وقال: إذا كنت لا تستطيع أن تهزم هؤلاء العرب فارجِعْ واجلِسْ في بيتك كالنساء. ألا تقدر على صدّ هؤلاء القوم الذين يأكلون الضب؟ فأجابه قائده: إنهم ليسوا أناسًا بل هم عفاريت حيث يتقدمون قافزين على حدّ السيوف وأسِنّة الرماح".

وفي ختام الخطبة، ذكر أمير المؤمنين أنه سيصلي الغائب على الدكتور منصور الشبوطي الذي كان أسيرًا في سبيل الله بسبب الأحمدية في اليمن، وهو بذلك أول شهيد أحمدي في اليمن، وذكر نبذة عن حياته وظروف استشهاده، ودعا الله أن يغفر له ويرفع درجاته ويلهم الصبر لذويه ويفك أسر جميع الأحمديين هناك، كما ذكر حضرته أنه سيصلي الغائب على المرحوم صلاح عودة من الكبابير وعلى المرحومة ريحانة فرحت من ربوة وذكر نبذة عن حياتهما ودعا لهما بالمغفرة ولذويهما بالصبر والسلوان.