ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 01/03/2023



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في  01/03/2023، حيث تابع الحديث عن غزوة أحد وقال:

عن تحريم النياحة على الموتى، ورد عن ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَمَّا رَجَعَ مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَقَالَ لَكِنْ حَمْزَةُ لَا بَوَاكِيَ لَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فَجِئْنَ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ، فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ  مِنَ اللَّيْلِ فَسَمِعَهُنَّ وَهُنَّ يَبْكِينَ فَقَالَ وَيْحَهُنَّ لَمْ يَزَلْنَ يَبْكِينَ بَعْدُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ.

وبذلك نهى النبي  عن النياحة على الأموات. لقد راعى ﷺ عواطف نساء الأنصار فبدلا من منعهن من البكاء على أزواجهن وأخوانهن مباشرة صرف انتباههن إلى حمزة أولا أي وجههن إلى أنَّ مصاب القوم كله مصابا جللا، وكان أكبر حزن للنبي  وبذلك قدّم أسوته ناصحا إياهن بعدم البكاء والنياحة على حمزة ونصحهن بالصبر.

ومن شهداء أحد مصعب بن عمير، وقد مر عليه النبي ﷺ مقتولًا فقرأ الآية: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾، ثم قال: إن رسول الله يشهد عليكم أنكم شهداء عند الله يوم القيامة. ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس! ائتوهم فزوروهم، وسلِّموا عليهم، فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام.

يقول حضرة ميرزا بشير أحمد:

"كان من شهداء أُحد مصعب بن عمير، وكان أول المهاجرين حيث جاء إلى المدينة داعيةً في أول العهد. كان في زمن الجاهلية أحسن شباب مكة لباسا ووسامةً وكان يرفل في النِّعم، ولكن حاله هذا قد تبدَّل تماماً بعد إسلامه. فقد ورد في رواية أن النبي ﷺ رأى عليه ذات مرة ثوبا مُرقَّعاً فذهب وهله إلى زمنه السابق حيث الأناقة والوسامة فبكى. عندما قُتل مصعب يوم أُحد لم يتوفر له ثوب لتغطية جسمه كاملا. فقد جاء في رواية: كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ بِهَا وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ.".

بعد معركة أحد، جمع النبي ﷺ الصحابة وكان غالبيتهم جرحى ثم دعا:

"اَللّٰهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّه، اَللّٰهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ وَلَا مُبْعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اَللّٰهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ. اَللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيْمَ الْمُقِيْمَ الَّذِي لَا يَحُوْلُ وَلَا يَزُوْلُ، اَللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيْمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ۔ اَللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ. [وَالْغِنٰی  یَوْمَ الفَاقة] اَللّٰهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَمِنْ شَرِّ مَا مَنَعْتَنَا. اَللّٰهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيْمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّه إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوْقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. اَللّٰهُمَّ تَوفَّنَا مُسْلِمِيْنَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِيْنَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِيْنَ  غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِيْنَ. اَللّٰهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِيْنَ يُكَذِّبُوْنَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّوْنَ عَنْ سَبِيْلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ. اَللّٰهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الْكِتَابَ، إِلٰهَ الْحَقِّ۔آمین".

وكما أبلى الرجال بلاء حسنا يوم أحد، فإن المسلمات قد قدمن خدمات بارزة:

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنهقَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ‏.‏

ولكن من النساء من قاتلن العدو كأم عمارة التي تصدت لابن قمئة بلا خوف وضربته ضربات كثيرة حتى انسحب.

عن ابن مسعود "أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين، يجهزن على جرحى المشركين".

وكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم خرجت في نسوة تستروح الخبر ولم يضرب الحجاب يومئذٍ، حتى إذا كانت بمنقطع الحرة وهي هابطة من بني حارثة إلى الوادي، لقيت هند بنت عمرو بن حرام أخت عبد الله بن عمرو ابن حرام تسوق بعيراً لها، عليها زوجها عمرو بن الجموح، وابنها خلاد ابن عمرو، وأخوها عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر. فقالت عائشة: عندك الخبر، فما وراءك؟ فقالت هند: خيراً، أما رسول الله فصالحٌ، وكل مصيبة بعده جلل.

وخرجت أم أيمن يوم أحد لسقاية الماء، ومداواة الجرحى، ولما رأت فرار الرجال في المعركة، كانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا، وتقول لبعضهم: "هاك المغزل وهات سيفك"، ودافعت عن النبي ﷺ بالسيف لما رأت الناس تفر من حوله. ثم اتجهت نحو رسول الله  تستطلع أخباره حتى اطمأنت على سلامته، وبينما كانت هناك إذ بسهم حبان بن العرقة يصيبها، فانكشف عنها، فضحك ضحكًا شديدًا، فشق ذلك على رسول الله ، فناول سعد بن أبي الوقاص رضي الله عنه سهمًا لا نصل له، وقال له: ارم. فأصاب السهم نقرة حبان فوقع مستلقيًا، وبدت عورته، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، وقال: "استقاد لها سعد أجاب الله دعوتك وسدد رميتك".

وكذلك خرجت أم عمارة يوم أحد وزوجها زيد بن عاصم وابناهما خبيب وعبد الله رضي الله عنهم وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحمكم الله أهل البيت".

فقالت له أم عمارة: ادع الله أن نرافقك في الجنة، فقال: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة" فقالت: "ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا".

كانت هذه شجاعة الصحابيات وقد رأين الدنيا حقيرة أمام التضحية في سبيل الله.

ثم أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على المرحوم السيد غسان النقيب من سورية، وعلى الشابة نشابة من بريطانيا التي توفيت في حادث سيارة في باكستان، والسيدة رضية سلطانة من ربوة، والسيدة بشرى بيغم من لاهور والسيد رشيد تشودري من النرويج وذكر نبذة من حياتهم ودعا لهم بالرحمة ولذويهم بالصبر والسلوان.