ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 15/03/2024
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 15/03/2024، والتي استهلها بقوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ "
قال النبي ﷺ عن رمضان إنه "شهر يغشاكم الله فيه، فينزل فيه الرحمة" فكرم الله في هذا الشهر كبير جدًا، وكلما تقدمنا لله تعالى انفتحت أبواب فضله وإحسانه أكثر فهذا الشهر شهر إنعام الله على عباده، وفيه أسباب لتدراك كل تقصيراتنا في العبادات والنوافل وتلاوة القرآن وفهمه والعمل به، حيث هيأ الله جوًا ملائما لأداء الفرائض والنوافل، فيجب أن نستغل هذه الفرضة للتقرب إلى الله.
في الآيات الآنفة الذكر، حث الله على التقوى والامتثال لأوامره وذكر أحكام الصيام فقد أعطانا كتابًا عظيمًا بواسطة نبينا محمد ﷺ لكي نزداد به قربا من الله.
في أول هذه الآيات ذكر الله أنه فرض علينا الصيام كما فرضه على الذين من قبلنا بهدف السير على دروب التقوى وتجنب السئيات والابتعاد عن المعاصي والآثام كما يتقي المحارب بجنته هجمان العدو فالمحارب الذي يتخذ جنة لا يحمي نفسه فقط بل يضرب عدوه، فإذا كنتم تتحلون بالتقوى فأنتم لا تحمون أنفسكم فحسب بل تشنون الهجمات على الشيطان.
يبين المسيح الموعود u حقيقة الصيام فيقول:
"ليس المراد من الصيام أن يبقى الإنسان جائعا وعطشان بل له حقيقة وتأثير يتبين بالتجربة. من فطرة الإنسان أنه كلما كان قليلَ الأكل كان أكثرَ حظًّا من تزكية النفس كما وتزداد فيه قوى الكشف. فالله تعالى يريد بالصيام أن نقلِّل من غذاء ونُكثِر من غذاء آخر. يجب على الصائم أن يتذكر دائما أن الصوم لا يعني الجوع فقط، بل عليه أن يشتغل في ذكر الله تعالى حتى يتيسر له التبتل والانقطاع إليه. فليس الصوم إلا أن يستبدل الإنسان بالغذاء الذي يساعد على نمو الجسم فقط بغذاء آخر تشبع به الروح وتطمئن. والذين يصومون لله تعالى فقط ولا يصومون على سبيل التقليد فقط عليهم أن يشتغلوا في حمد الله وتسبيحه والتهليل لينالوا به غذاء آخر."
فيجب أن تهتموا بقراءة القرآن وفهمه وعبادة الله وذكره وأن تحمدوا الله وينشغل لسانكم بتسبيح الله ويجب أن ترددوا دعاء المسيح الموعود u "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم اللهم صل على محمد"
هذا دعاء هام فيه طلب الوسيلة وفيه تهليل وإقرار بوحدانية الله فهذه هي الأسباب التي تزيدكم تقوى وتؤدي لاستجابة الدعاء.
يقول المسيح الموعود u في بيت شعر له:
"التقوى ترياق فمن استخدمها نجا من السموم كلها. ولكن يجب أن تكون التقوى كاملة. مَثل العمل بفرع واحد من التقوى كمثل جائع يأكل حبة واحدة، بينما أكل حبة وعدم أكلها سيان. كذلك لا يمكن أن يخمد العطش بقطرة ماء واحدة. هذا هو حال التقوى. العمل بفرع واحد منها ليس مدعاة للاعتزاز. التقوى الحقيقية هي التي يقول الله عنها: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا" أي إن معية الله توحي بنفسها أن صاحبها تقيٌّ".
ويقول أيضًا:
"إن كنتم تريدون رحمة الله مرارا وتكرارا فاتقوا الله واتركوا كل ما من شأنه أن يُسخط الله. ما لم يتق المرءُ اللهَ لا تتسنى التقوى الحقيقية. فاسعوا لتكونوا أتقياء. عندما يكون الذين لا يتقون على وشك الهلاك يُنقَذ الأتقياء. ففي هذا الوقت تهلك العصاة معصيتهم وتُنقذ الأتقياء تقواهم. إذا أراد الإنسان أن ينجو مع تجاسره وشطارته وخيانته فلا ينجو قط. لا يستطيع أحد أن يحمي نفسه ولا أمواله ولا أولاده ولا يقدر على أن ينال نجاحا آخر ما لم يحالفه فضلٌ من الله. فيجب أن توطِّدوا علاقة مع الله سرًّا ثم الحفاظ عليها. العاقل هو الذي يحافظ على تلك العلاقة، والذي لا يحافظ عليها هو غبي. والذي يعتز على شطارته يُهلك ولن ينال مراده. هل يمكن أن يجري هذا النظام الهائل كله بما فيه الأرض والسماء وما يُرى بينهما دون يد الله الخافية؟ كلا.
اعلموا أن الذي يخشى في حالة الأمن يُنقذ في حالة الخوف، أما الذي يخشى في حالة الخوف فقط فهذه ليست ميزة جديرة بالذكر. ففي مثل هذه المناسبات يخشى الكفار والمشركون والملحدون أيضا. فقد خشي فرعون أيضا عندها وقال: "آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ". ولكنه لم يستفد من ذلك إلا أن قال الله تعالى بأننا سننجي بدنك ولن ننجي حياتك. فقدّر الله أن يصل بدنه إلى الشاطئ. كان شخصا ذا قامة قصيرة. باختصار، حين يتقدم الإنسان إلى الذنب والمعصية يواجه معاملة: "لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ عندما يأتي الأجل لا يتقدم ولا يتأخر. يجب على الإنسان أن يوطد علاقته مع الله من قبل."
ندعو الله أن يوفقنا لرفع معايير التقوى وأن لا نخالف تعاليم الله، وندعوه تعالى أن يوفقنا لنيل بركاته وأن نستفيض من فيوض رمضان ويجب أن تدعوا لرقي الجماعة ولفك الأسرى في سبيل الله. وادعوا للأمة الإسلامية أن يهبهم الله العقل والفهم ليؤمنوا بالمسيح الموعود u وأن نُنقَذ من آثار الحروب، ادعوا الله أن ينفذ الأمة من الأشرار وأن ينقذ العالم من ويلات الحرب وعلى كل أحمدي أن يرفع معايير تقواه. لقد سُن قانون في بريطانيا للقضاء على التطرف ويقول البعض إن هذا القانون يستهدف المسلمين لا نعرف ما هي نيتهم لكن يجب أن ندعو الله أن ينقذ جميع المسلمين من شر هذه القوانين آمين.