من اللقاء الافتراضي الذي عقده أمير المؤمنين خليفة المسيح الخامس أيده الله تعالى بنصره العزيز مع عضوات لجنة إماء الله وناصرات الأحمدية من الدنمارك يوم 19/02/2024
السؤال: أمير المؤمنين، يتم تربية أطفالنا في مجتمعين مختلفين حيث يقضون معظم يومهم في البيئة الغربية في المدارس والكليات ثم يقضون بقية وقتهم في المنزل. وقد لوحظ في كثير من الأحيان أن بعض الأطفال يصابون بعقدة فيما يتعلق بهويتهم. سؤالي: كيف يمكن للوالدين تربية أطفالهم أخلاقيًا وروحيًا بطريقة لا تجعلهم يقعون ضحية لمثل هذا العقدة؟
جواب أمير المؤمنين نصره الله:
يبدأ الأطفال بالذهاب [إلى المدرسة] في عمر خمس أو ست سنوات أو في عمر سبع سنوات في بعض الأماكن. فحتى عمر خمس أو سبع سنوات يكونون معك. وخلال هذا الوقت، تسمحين لهم باللعب دون قلق لأنك ترينهم أطفالا. في هذا العمر علميهم بعض أعمال الخير البسيطة، وعلميهم الصلاة وربيهم.
يقوم بعض الآباء بجعل أبنائهم يكملون تلاوة القرآن الكريم في سن الرابعة أو الخامسة، ويرغبون في إقامة حفل الآمين لأن طفلهم قد أكمل تلاوة القرآن الكريم في سن الخامسة. ومع ذلك، فهم لا يعلّمون أبناءهم التعاليم الدينية. ولا يدرك الأطفال ما هو موجود في القرآن حتى بعد الانتهاء من قراءته. يجب غرس هذه الجوانب الصغيرة في عقل الطفل. إن الطفل يتقبل الخير، ولهذا السبب أوصى الإسلام بالأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى. في ذلك الوقت، وعلى الرغم من حقيقة أن الطفل لا يفهم شيئًا فإن اسم الله ورسوله وعقيدة وحدانية الله تغرس في سمعه.
علاوة على ذلك، قلت إن أطفالك يذهبون إلى المدرسة ويتأثرون بجوها. هذا صحيح. إنهم يذهبون إلى المدرسة. ومع ذلك، فقد حسبت أنه في هذه الدول الغربية، يقضي الأطفال 180 إلى 190 يومًا في المدرسة من أصل 365 يومًا، والأيام 180 المتبقية يقضونها في المنزل. فالأطفال معك لمدة نصف عام. فماذا تقولين لهم خلال هذا الوقت؟ ربما تقولين لهم اخرجوا أو لا تزعجوني. إذا كانت الأم تعمل، فإنها تذهب لعملها والأب كذلك منخرط في عمله. وفي هذه الأثناء يلعب الأطفال أو يجلسون أمام التلفاز.
وهكذا، فإنهم يتأثرون ببيئة مدرستهم لمدة 180 يومًا، وفي الـ 180 يومًا المتبقية، يجلسون في المنزل يلعبون الألعاب على الإنترنت أو يشاهدون التلفاز ولا يتعلمون شيئًا جيدًا أبدًا. لهذا، يجب أن تضعي خطة لتعليم أطفالك المعرفة الدينية لمدة 90 يومًا على الأقل من أصل 180 يومًا. وبهذا، سيتم تخصيص ثلث العام على الأقل لتعلم العلوم الدينية. علميهم أهمية الدين، ومن نحن حقًا، وحقيقة أننا مسلمون أحمديون، وما هو الإسلام وما الذي يريده الله تعالى منا. وفيما يتعلق بالأمور التي يتعلمونها في المدرسة، سواء كان ذلك حول الهوية الجنسية أو الأشياء الأخرى، فيجب أن تخبريهم أنه على الرغم من أنهم يتعلمون هذه الأشياء في المدرسة، إلا أن الله تعالى، الذي خلقنا، يعرف كل شيء عنا. لقد أرشدنا إلى كيفية اتباع الطريق الصحيح. هذه الأشياء ليست حرية، بل الحرية الحقيقية هي التمسك بأوامر الله تعالى، وإقامة الصله به، والتفقه في الدين. هذا يتطلب جهدًا جبارًا. ويجب على الآباء بذل نفس الجهد في تعليم أطفالهم كما تفعل المدارس لغرس مفهوم الحرية في الأطفال. واجب الأم الحقيقي هو تربية أطفالها على الأخلاق. إذا كنت قادرة على هذا، فأنت بذلك تحمين جيل المستقبل. إذا كانت الأم تعمل كطبيبة أو معلمة أو في مهنة أخرى لمدة خمس إلى ثماني ساعات في اليوم، فعليها أن تمنح أطفالها بعض الوقت أيضا. وإذا كانت الأم تعمل بدافع الضرورة، فالأمر يختلف جذريًا. خلاف ذلك، في المرحلة التي تكون فيها تربية الطفل في خطر، فيجب على الأم التضحية بحياتها المهنية.
وبنفس الطريقة، بدلاً من قضاء العطلة الأسبوعية هنا وهناك، يجب على الآباء أن يمنحوا أطفالهم ساعة أو ساعتين من وقتهم عندما يعودون إلى المنزل من العمل. يجب على الأمهات أيضًا إعطاء الوقت لهم. إذا بذل الأب والأم جهدًا مشتركًا، فيمكنهما نقل التعاليم الدينية إلى الأبناء على الرغم من تعلمهم في مثل هذه الأجواء. عندما يلاحظ الأطفال أن والديهما يتعبدان ويقرآن القرآن ويصليان ويتحدثان عن الدين، فسيكون أمامهم أيضًا مثال عملي [ليتبعوه]. إذا لم يقدم الكبار مثالاً عمليًا، فلن يتعلم الأطفال شيئا. إذا أعطيت أطفالك الحرية الكاملة في المدرسة والمنزل، فماذا ستكون النتيجة؟
في بعض الأماكن هنا مثل إسبانيا، تم تمرير قوانين جديدة تسمح للطفل البالغ من العمر 16 عامًا بتغيير جنسه بحرية. فاعترض الناس وقالوا إن القانون لا يسمح للأطفال دون سن الـ 18 عامًا بتناول الكحول دون إشراف، ومع ذلك فإن لهم الحرية [في تغيير جنسهم]. وهذا يعني أن هناك مخططات دجالية قيد التنفيذ، وهي مخططات ضارة، لإبعاد العالم عن الدين وإرساء الإلحاد. هذا مخطط الملحدين والدجال. لقد نسي الناس المسيحية ولم يعودوا ينجذبون إليها، ونسوا الدين بشكل عام. ووفقًا للإحصاءات، يعتبر المسلمون أكثر الناس تدينًا. في الواقع، كتب رجل ملحد مؤخرًا أنه على الرغم من معارضته للدين، إلا أنه أدرك أنه إذا كان هناك دين حقيقي، فهو الإسلام لأن المسيحية قد أضاعت تعاليمها.
فإذا سلكنا نفس الطريق ولم نعلم أطفالنا؛ ولم نصلح أنفسنا أو نهتم بتربيتنا الأخلاقية والروحية، ولم نقدم أسوة لأطفالنا، فإنهم سوف يسلكون نفس الطريق ولن يفهموا أي شيء عن الإسلام. لذلك يجب أن نشكر الله لأن لدينا دين حي تعلمنا تعاليمه كل جانب من جوانب المعرفة وتبين لنا كيف يمكننا التكيف حتى مع العصر الحديث. ولكن إذا لم نتصرف وفقًا [لهذه التعاليم]، فسيكون ذلك خسارة لنا وسنهدر [إمكانات] أطفالنا. ومن ثم، يجب على الوالدين أن يجتمعا ويبتكرا خطة واضعين في الاعتبار كل هذه الأشياء. كما أنني أتطرق إلى هذا الموضوع في المناسبات المختلفة. فيجب أن تتابعن هذه النصائح وتستمعن لها، وإلى ما قاله الخلفاء السابقون أيضًا.
يجب دراسة هذه الأمور بعناية فائقة. إذا أصغيتن باهتمام إلى كل خطبة، فستجدن فيها دروسًا. هناك أيضًا دروس يمكن تعلمها من البرامج المختلفة على إم تي إيه، فيجب أن تتابعن كل هذه الأشياء. كما أن أفعالكن أمر مصيري؛ إذا لم تؤسسن ذلك، فماذا سيتعلم أبناءكن؟ إنها مجرد ذريعة القول إنهم في المدرسة؛ هم معكن لمدة 180 يوما من أصل 365 يومًا.