ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/03/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/03/2024، حيث استهلها بقوله تعالى:

"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".

ثم قال:

لقد بين الله في هذه الآية فضائل رمضان حيث أنزل فيه القرآن الكريم الذي هو هدى للناس، ويشمل كل أمور الهداية والتعاليم الضرورية المؤدية لله، وحذر فيه من الطرق الشيطانية ونبه من طرق الإلحاد والشرك، فأعلن بذلك طرق السير على الصراط المستقيم وفتح كل أبواب الهدى في هذا الشرع الكامل الأخير، فطوبى لمن يتخذون القرآن الكريم منهجًا لحياتهم لإصلاح دنياهم وأخراهم. فأهمية رمضان تكمن بأنه أنزل فيه الشرع الكامل الأبدي وقد بين الله لنا فيه فضيلة الصيام وطرق العبادة، ولكن لو ظُن أن هذه الآية تعني أن رمضان شهرٌ أنزل فيه القرآن وفُرض فيه الصيام فحسب، فهذا لا يكفي ما لم ندرك ماهية هذا الهدى ونتخذه منهجا لحياتنا. ونحن الأحمديين سعداء أن المسيح الموعود عليه السلام قد نبهنا لهذه الأمور، وبالتالي، لا بد لنا من قراءة كتبه لكي نفهم القرآن الكريم ونتدبره ونعمل بأوامره.

كان أمس يوم المسيح الموعود الذي تحتفل به جماعتنا لتبيان كيف جاء المسيح الموعود عليه السلام بحسب النبوءات، ولكن هذا لا يكفي فالمسيح الموعود عليه السلام قد بين لنا كنوز القرآن الكريم فلا بد أن نتخذ هذا الهدى منهجًا لحياتنا وإلا فإن إيماننا لن يكتمل. لقد ذكر المسيح الموعود عليه السلام أن الله أنزل على نبيه القرآن الكريم ومن علينا بهذا منة عظيمة، وبالتالي، لو واظبنا في رمضان على الصلاة والعبادة والنوافل فهذا لن يؤدي حق رمضان، بل لا بد من قراءة القرآن الكريم والتدبر في أحكامه.

كما بين لنا المسيح الموعود عليه السلام طرق الاستفادة من القرآن الكريم وذكر أمورا كثيرا لو عملنا بها لانتفعنا من القرآن حقا، وعلينا أن نقرآ القرآن الكريم كاملا مرة على الأقل في رمضان، فقد كان جبريل يعارض النبي ﷺ في القرآن مرة كل سنة وفي السنة الأخيرة عارضه مرتين فيجب أن ندرك أهمية تلاوة القرآن الكريم.

يقول المسيح الموعود عليه السلام في تفسير الآية آنفة الذكر:

"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.. بهذه الجملة الوحيدة تكشف عظمة شهر رمضان. لقد كتب الصوفية أن هذا الشهر صالح جدا لتنوير القلب، ويحظى فيه الإنسان بالكشوف بكثرة. إن الصلاة تقوم بتزكية النفس، أما الصوم فيحظى به القلب بالتجلّي. والمراد من تزكية النفس أن يصير العبد في معزل عن شهوات النفس الأمارة، وأما التجلّي على القلب فيعنى أن يفتح عليه باب الكشف بحيث يرى الله عز وجل"

وبين المسيح الموعود عليه السلام حاجة العصر الذي نزل فيه القرآن وقال:

"الزمن الذي بُعث فيه النبي ﷺ كان بأمس الحاجة إلى مصلح ربّاني كبير وعظيم القدر، وكان يقتضي هاديا من السماء كلّ ما أعطى من تعليمٍ كان صادقا في الحقيقة، وكان ضروريا جدا بكل معنى الكلمة، وكان يجمع في طياته كافة المكوّنات الضرورية لسد حاجات العصر كلها. ثم أبدى ذلك التعليم تأثيرا، فجذب مئات ألوف القلوب إلى الحق والصدق، ورسّخ القول "لا إله إلا الله" في مئات آلاف الصدور، وبلّغ الغاية المتوخاة من النبوة، أيْ تعليم سُبل النجاة أوج كمالها، لدرجةٍ ما بلغتها من قبل على يد أيِّ نبي وفي أيّ زمان".

 

كما ذكر بحرقة إعراض المسلمين عن القرآن الكريم وقال:

"والآن أريد أن أقول شيئا للمسلمين وأخاطبهم بوجه خاص دون غير المسلمين. رمضان يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا اعلموا أن ينبوع القرآن الكريم ينبوع البركات الحقيقية ووسيلة صادقة للنجاة، إنه لمن خطأ الذين لا يعملون به. هناك فئة من غير العاملين به الذين لا يعتقدون به أصلا، ولا يعدُّونه كلام الله، إنهم في شقاق بعيد. أما الذين يؤمنون به كلامَ الله ووصفةً ناجعة للنجاة، كم هو غريب ألا يعملوا به! ومن المؤسف حقا أن كثيرا منهم لم يقرأوه في حياتهم. مَثل الغافلين عن كلام الله والذين يهملونه إلى هذا الحد كمثل الذي يعلم يقينا أن ينبوعا كذا وكذا نقي جدا وزلال وبارد وماؤه إكسير وشفاء لأمراض كثيرة، فكم هي شقاوة وجهل إن لم يقترب منه مع كونه ظامئا ومصابا بأمراض عديدة! فهذه شقاوته وجهله. كان لزاما عليه أن يضع فمه على هذا الينبوع ويرتوي جيدا ويستمتع بمائه اللذيذ والشافي. ولكنه مع معرفته بذلك يظلّ بعيدا عنه كمن لا يعرف ويبقى بعيدا عنه إلى أن يقضي عليه الموت".

ندعو الله أن يوفقنا لفهم القرآن الكريم وأن نستفيد من هذه الهداية ونزداد إيمانا بالله وأن لا يكون هذا في رمضان فقط، بل نقضي حياتنا كلها باتباع القرآن وعندها يمكننا القول إننا أدينا حق بيعتنا للمسيح الموعود عليه السلام.

اذكروا في أدعيتكم الفلسطينيين الذين علاوة على الحرب يموتون جوعا، وادعوا لأهل السودان أن يهب لقادتهم العقل فأهل البلد هناك يظلمون بعضهم بعضًا لأنهم نسوا تعاليم القرآن ولم يؤمنوا بمبعوث السماء وهذا هو الحال في كثير من الدول الإسلامية، ادعوا للأسرى في سبيل الله في باكستان واليمن.

وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم.