ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/03/2024
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/03/2024، حيث استهلها بقوله تعالى:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
ثم قال:
هناك علاقة وثيقة بين رمضان والدعاء.
ينظر الله لعباده بحب في الأيام العادية، حيث يقول النبي ﷺ إن الله يقول: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً."
فكم بالحري أن يتفضل الله على عباده في شهر رمضان الذي هو شهر التقرب إلى الله تعالى خالصة، ولكن كل شيء متوقف على أن يكون الدعاء بصدق القلب وحسن العبادة، يقول النبي ﷺ "إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتين".
فلا بد للإنسان أن يتوب عن ذنوبه السابقة ويتعهد بصدق العزيمة بعدم ارتكابها مجددا ويتقرب إلى الله.
هناك شروط للدعاء لا بد من الوفاء بها، ومن رحمة الله بعباده أنه كل سنة يتيح لهم االفرصة في رمضان لكي يستغلوا بركات هذا الشهر للتقرب منه والدخول في عباده، فكلمة "عبادي" في الآية تدل على من يريدون التوبة حقًا، فيجب أن تكون أدعيتنا من أجل التقرب من الله والفوز بحبه، وعندها سيجري الله لنصرتنا ويستجيب أدعيتنا، فلا بد من أداء حقوق الله وحقوق العباد وأن نقوي إيماننا بحيث لا يتزغزع في أي حال وعندها سنكون في زمرة عباد الله الحقيقيين.
قال المسيح الموعود مبينا فلسفة الدعاء ومعايير استجابته:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" هو أنه إذا طُرح سؤال: كيف يمكن الاطلاع على وجود الله؟ فجوابه أن إله الإسلام قريب جدا. وإذا دعاه أحد بصدق القلب أجابه. أما آلهة الفِرق الأخرى فليست قريبة بل هي بعيدة لدرجة لا يُعلم عنها شيئا. إن أعلى هدف وأسمى غرض عند العابد هو أن ينال قربه تعالى. وهذه هي الوسيلة التي يتسنى بها اليقين. هذا هو معنى قوله تعالى: " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" أي أنه تعالى يجيب وليس بأصم ولا أهمية للأدلة الأخرى كلها أمام هذا الدليل. الكلام يقوم مقام الرؤية".
ويقول عليه السلام:
"بعض الناس يشكّون في وجوده U، بينما يقول الله تعالى بأن الدليل على وجودي هو أن ادعوني واسألوني فأجيبكم وأذكركم. وإن قلتم بأننا ندعوه ولكنه لا يجيب؛ فمَثله كأنكم تدعون واقفين في مكان شخصًا بعيدًا جدًا عنكم وفي أُذنيكم ثقلٌ، فهو سيجيبكم من بعيد بسماع صوتكم ولكنكم لن تقدروا على سماعه لكونكم صُمًا. كلما تزول الحُجُب والبُعد بينكم ستسمعون الصوت حتما. لقد ظل ثابتا منذ أن خُلقت الدنيا أنه U يكلّم عباده الخواص. ولولا ذلك لثبت رويدا رويدا أنه لا وجود له. إذن، إن أمثل وسيلة لإثبات وجود الله أن نسمع صوته أو نراه أو نسمع كلامه. فإن الكلام في الأيام الحالية ينوب مناب الرؤية. غير أنه ما دام هناك حجاب بين الله والسائل فلا نستطيع أن نسمع كلامه. ولكن عندما يزول الحجاب الحائل سيُسمع صوته.".
ويقول أيضًا:
"إنّ الصلاة التي نصلِّيها إنما هي دعاء. ذلك أن الدعاء الذي ينبع نتيجةَ المعرفة الحقيقية ونتيجة فضل الله تعالى يتميز بصبغةٍ خاصة، وكيفية مختلفة تمامًا. إن ذلك الدعاء قادر على الإفناء، إنه نار تذيب القلب. إنه قوةٌ مغناطيسية تجذب رحمة الله. إنه موتٌ يهب الحياةَ في نهاية المطاف. إنه لسيل عارم، إلا أنه يتحول إلى سفينة في النهاية، وبه يستقيم كل أمر قد فسد، وبفضله يتحول كل سُمٍّ إلى ترياقٍ في آخر الأمر".
ويقول عليه السلام عن قبول الدعاء:
"إن علامة القبول تتولد في الدعاء عندما تبلغ أعلى درجة الاضطرار. عندما تنشأ أعلى درجة الاضطرار عندها تتراءى فيه آثار القبول وأسبابه. أولا تُخلَق هذه الأسباب في السماء ثم تبدي تأثيرها في الأرض. هذا ليس بأمر بسيط بل هي حقيقة عظيمة. بل الحق أن الذي يريد أن يرى تجلي الألوهية فليدع"
بعض الناس يعترضون على الدعاء دون أن يضعوا هذا السر والتصرفات الإلهية في الحسبان، فتعليقا على اعتراضات هؤلاء الناس قال سيدنا المسيح الموعود عليه السلام:
"لو كان الدعاء في خيار الإنسان وكان قادرا على الدعاء برغبته، لأنجز ما أراد، لذا لا نستطيع القول إن الدعاء بحق فلان من الأصدقاء أو الأقارب سيسمع حتما، بعض الأحيان لا يرغب المرء إلى الدعاء مع إحساسه بالدعاء بشدة، ويقسو قلبه، فلما كان الناس لا يطلعون على السر، يضلون".
ويقول أيضًا:
"يجب أن يكون معلوما أن الدعاء لا يعني ثرثرة اللسان فقط. بل المراد منه أن يمتلئ القلب بخشية الله، وتخر روح الداعي على عتباته وتسيل كالماء وتلتمس من الله القوي المقتدر قوةً ومغفرة وقدرة للتغلب على ضعفها وزلاتها. يمكن التعبير عن هذه الحالة بالموت بكلمات أخرى. مَن تيسرت له هذه الحالة فاعلموا أن باب الإجابة يُفتح له ويوهب قوة وفضلا واستقامة خاصة لاجتناب السيئات وللثبوت على الحسنات"
فيجب أن نجعل اوامر الله خطة حياتنا وأن نسهر الليالي داعين لنيل الهداية التي يريدها الله منا. ادعوا لرقي الجماعة وفك أسرى الأحمديين اليمنيين وأن يزول سوء الظن من قلوب الحكومة هناك وادعوا للفلسطينيين الذين يتعرضون للظلم الكبير.
ندعو الله أن يوفقنا لأداء حق الدعاء من أجل أن يستجاب في حق هؤلاء المظلومين آمين.