ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/04/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/04/2024 حيث تابع الحديث عن غزوة  حمراء الأسد قال:

لما علم النبي ﷺ بنية العدو الهجوم على المدينة، دعا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقص عليهما ما قاله المزني. وبعد أن صلى الفجر، قال لبلال رضي الله عنه أن يؤذن في الناس أن رسول الله ﷺ يأمركم بالخروج لمطاردة العدو ويجب أن لا يخرج إلا من قاتل في أحد. ثم دعا ﷺ برايته التي كانت معقودة منذ اليوم السابق وأعطاها لحضرة علي، وورد أيضًا أنه أعطاها لحضرة أبي بكر، بينما أمّر ابن أم مكتوم على المدينة في غيابه.

ارتأى المنافقون أن من الخطر ملاحقة العدو في اليوم التالي بعد مقتل سبعين من المسلمين في أحد دون قوة بشرية إضافية. ولكن الأحداث أثبتت أن قرار النبي ﷺ كان حكيمًا جدًا وجلب للمسلمين منافع كثيرة.

أمضى النبي ﷺ الليل كله يتدبر في نتائج الحرب، وكان يخشى أن يظن المشركون العائدون إلى مكة أنهم لم يستفيدوا من المعركة شيئًا، فيشعروا بالندم، ويعودوا لمهاجمة المدينة فقرر ملاحقتهم متخذًا أفضل استراتيجية حربية. وقد رفع هذا من معنويات المجاهدين ورسخ في قلوب المنافقين الهزيمة، فطلب زعيم  المنافقين عبدالله بن أبي أن يخرج مع النبي ﷺ في هذه الغزوة مع أنه رجع من غزوة أحد آخذًا معه 300 من أصحابه، فمنعه النبي من ذلك، أما الصحابة المصابين والمجروحين فقد لبوا نداء النبي ﷺ وقدموا مثالا رائعا للطاعة، فقد أمر النبي ﷺ المجروحين أن يخرجوا بأسلحتهم ثانية فخرجوا دون تردد.

كان أسيد بن حضير مصابًا بتسعة جروح، وكان ينوي تضميدها، ولكن عندما سمع نداء النبي ﷺ، لم يتوقف حتى لوضع الدواء عليها. وخرج من بني سلمة أربعون جريحًا. فلما رآهم رسول الله ﷺ دعا لهم "اللهُم ارحم بني سلمة".

وكان لطفيل بن النعمان ثلاثة عشر جرحا. ولخراش بن الصمة عشرة جراح. ولكعب بن مالك أكثر من عشرة جراح ولقطبة بن عامر تسع جراح، ومع ذلك ركضوا إلى أسلحتهم ولم يتوقفوا لتضميد جراحهم.

لقد قبل الله تضحيات هؤلاء الصحابة، حيث قال عنهم: "الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ" 

كان ممن خرج مع النبي ﷺ جابر بن عبد الله الذي لم يحضر أحد، فلما أذَّن مؤذِّن رسول الله ﷺ أن" لا يخرجنَّ معنا إلا من حضر يومنا بالأمس ".جاء جابر فقال للنبي ﷺ: يا رسول الله، إنّ أبي كان خلَّفني على أخوات لي سبع، وقال لي "إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن، ولستُ بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله ﷺ على نفسي! فتخلَّف على أخواتك، فتخلفت عليهن. فأذن له رسول الله ﷺ، فخرج معه.

وخرج النبي ﷺ بجراح في وجهه وجبهته وشفته ومنكبه وركبتيه ولم يكن لأحد غيره فرسًا، وقد خرج وعليه درع لا تظهر إلا عيناه.

وخرج طلحة بن عبيد الله وهو مصاب بأكثر من سبعين جرحا. وقد ورد عنه قوله "كنت أفكر بجراح النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من جراحي. فأتاني النبي ﷺ فقال يا طلحة أين ترى القوم؟ فقلت: بالسفالة، فقال رسول الله ذلك الذي ظننت، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثلها حتى يفتح الله مكة علينا وقال ﷺ لعمر: يا ابن الخطاب إن قريشا لن ينالوا منا مثل هذا حتى نستلم الركن. 

بعث رسول الله ﷺ للاستطلاع سليط ونعمان ابني سفيان بن طلق ومعهما ثالث، فلحق اثنان منهم بقريش بحمراء الاسد، فقتلوهما ولما وصل النبي ﷺ لحمراء الأسد وجد جثتيهما فدفنهما.

ومن الصحابة المشاركين في هذه الغزوة، الأخوين عبد الله بن سهل ورافع بن سهل من بني عبد الأشهل اللذين حين رجعا من أحد، كانت بهما جراح كثيرة، وعبد الله أثقلهما من الجراح، فلما سمعا بخروج رسول الله ﷺ، قال أحدهما لصاحبه، والله إنّ تركنا غزوة مع رسول الله  لغبن، والله ما عندنا دابة نركبها، وما ندري كيف نصنع! قال عبد الله: انطلق بنا، قال رافع: لا، والله ما بي مشي، قال أخوه: انطلق بنا نتجارّ ونقصِدْ رسول الله، فخرجا يتزاحفان، فضعُف رافعٌ، فكان عبد الله يحمله على ظهره عُقْبةً، ويمشي الآخر عُقْبَةً، ولا حركة به، حتى أتوا رسول الله عند العشاء، وهم يوقدون النيران، فأتي بهما إلى رسول الله ﷺ، وعلى حرسه تلك الليلة عبادُ بن بِشر، فقال: "ما حبسكما؟ "فأخبراه بعِلَّتِهما، فدعا لهما بخير وقال: "إن طالت لكم مدة كانت لكم مراكب من خيلٍ وبِغالٍ وإبِلٍ، وليس ذلك بخير لكم".

  

ولقي معبد بن أبي معبد الخزاعي وهو يومئذ مشرك، النبي ﷺ وقال: يا محمد، والله لقد عز علينا ما أصابك في نفسك وما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله تعالى أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت بغيرك.

ثم مضى معبد ورسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الاسد، حتى أتى أبا سفيان بن حرب ومن معه الروحاء، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله ﷺ، وقالوا: أصبنا خير أصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم، فلما رأى أبو سفيان معبدا قال: هذا معبد وعنده الخبر: ما وراءك يا معبد؟ قال: تركت محمدا وأصحابه قد خرج يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا، وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه بالأمس، من الأوس والخزرج، وتعاهدوا ألا يرجعوا حتى يلحقوكم، فيثأروا منكم، وغضبوا لقومهم غضبا شديدا، وندموا على ما فعلوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط، قال: ويلك ما تقول! قال: والله ما أرى أن ترحل حتى ترى نواصي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك. 

وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره الله مواصلة الدعاء من أجل الظروف العالمية وأن يحفظ الله جميع الأحمديين من جميع الشرور، ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على المرحوم فراز أحمد طاهر الذي استشهد في أستراليا مؤخرًا.