ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 10/05/2024
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 10/05/2024 حيث تحدث عن بعض سرايا النبي ﷺ وقال:
السرايا هي الحروب التي لم يشارك فيها النبي ﷺ بنفسه وكان من خلالها يعلم المسلمين أساليب الدفاع كما أنها تظهر أخلاق النبي ﷺ ومواساته حتى للعدو.
ومن هذه السرايا:
سرية بني أسد في السنة الرابعة للهجرة وكانت بقيادة أبي سلمة، ابن عمة النبي ﷺ، وقد شهد أبو سلمة بدرًا وأحدًا.
كان المنافقون واليهود فرحين بما حدث في أحد وفكروا في القضاء على المسلمين وكذلك فكرت القبائل المجاورة للمدينة والتي أصيبت بالذعر من انتصار المسلمين في بدر بالهجوم على المسلمين بعد الأضرار التي لحقت بهم في أحد حتى يتسببوا بالمزيد من الضرر بالمسلمين ويستطيعوا نهب أموالهم.
وكان أول تلك القبائل قبيلة بني أسد بزعامة طليحة وسلمة ابني خويلد حيث جهزا جيشًا من قومهما لمحاربة المسلمين، ولما بلغ رسول اللهﷺ ذلك، قرر الهجوم عليهم قبل أن يهاجموا المدينة. فعقد اللواء لأبي سلمة لمهاجمة بني أسد، وبعث معه مائة وخمسين رجلاً منهم: أبو سبرة وعبد الله بن سهيل بن عمرو، وعبد الله بن مخرمة، وأرقم بن أبي الأرقم وأبو عبيدة بن الجراح وسهيل بن بيضاء، وأسيد بن الحضير، وعباد بن بشر، وأبو نائلة، وأبو عبس، وقتادة بن النعمان، ونصر بن الحارث، وأبو قتادة، وأبو عياش الزرقي، وعبد الله بن زيد، وخبيب بن يساف وسالم مولى أبي حذيفة. فسار المسلمون بسرعة وكانوا يختفون وقت النهار ويسافرون ليلًا، وبعد مسير أربعة أيام وصلوا إلى جبل قطن، ومروا ببعض رعاة بني سلمة الذين تمكن بعضهم من الفرار فوصلوا لقومهم وأخبروهم بخبر جيش المسلمين وقالوا إن الجيش كبير جدا فذعروا وتفرقوا هنا وهناك ولما وصل أبو سلمة لأرضهم فرق أصحابه ثلاث فرق وقال لهم لا تذهبوا بعيدا في ملاحقتهم ولا تنتشروا وابقوا في جماعة، ولكن العدو كان قد ارتعب وفر ولم يلتق بالمسلمين، فأخذ أبو سلمة الغنائم وعاد إلى المدينة، وبعد مسافة يوم قسم الغنائم وجعل الخمس للنبي ﷺ وأعطى الدليل نصيبه وقسم الباقي بين الصحابة، وبعد عشرة أيام رجعوا للمدينة سالمين.
كان أبو سلمة قد أصيب في معركة أحد، وكان جرحه قد التأم ظاهريًا، ولكن تحت ضغط المسير السريع فتح الجرح مرة أخرى، وتوفي في جمادى الأولى.
بعد ذلك اعتنق طليحة، زعيم بني أسد، الإسلام، ولكنه ارتد وادعى النبوة، ثم أنشأ قوة لدعمه، وبعد بعض الوقت هزم وغادر الجزيرة العربية، ثم عاد تائبًا في عهد سيدنا عمر وأسلم للمرة الثانية وقاتل في عدة معارك كالقادسية، وتوفي مسلمًا في السنة الحادية والعشرين للهجرة.
سرية عبد الله بن أنيس الجهني الأنصاري:
بايع عبد الله في بيعة العقبة الثانية وحضر بدرًا وأحدًا وكان قد كسر أصنام بني سلمة وتوفي في السنة الرابعة والخمسين للهجرة.
عندما علمت بعض القبائل ما حدث للمسلمين في أحد، قررت مهاجمة المدينة، ومنهم قبيلة سفيان بن خالد اللحياني، الذي فكر باستغلال ضعف المسلمين وإرعابهم ونهب المدينة وكان عدوا لدودًا للإسلام وأعد جيشا في عُرْنة أو نخلة وجمع المقاتلين بأعداد كبيرة من قبائل مختلفة، ولما بلغ ذلك النبي ﷺ، قرر بدلًا من إعداد جيش وإراقة الدماء أن يقتل هذا الشخص فقط، فاختار لهذه المهمة الصحابي الشجاع عبد الله بن أنيس وأخبره بما يعد سفيان وقال له أن يأته ويقتله. فقال عبد الله: يا رسول اللَّه، صِفْهُ لي حتى أعرِفَه. فقال: "آيةُ ما بَينَك وبَينَه أنَّك إذا رَأيتَه هِبتَه وفَرِقْتَ منه، ووَجَدْتَ له قُشَعْريرةً، وذَكَرْتَ الشَّيطانَ". فقال عبد اللَّه: يا رسول اللَّه، ما فَرِقتُ من شيءٍ قطُّ. فقال: "بَلَى؛ آيةُ ما بَينَك وبَينَه ذلك: أن تَجِدَ له قُشَعْريرةً إذا رَأيتَه". فأخَذ عبد الله سَيفه وكان يقول: خرجتُ حتى إذا كنتُ ببَطنِ عُرْنةَ لَقيتُه يمشي ووراءه الأحابيشُ. فلمَّا رَأيتُه هِبتُه وعَرَفتُه بالنَّعتِ الذي نَعَت لي رسولُ اللَّه ﷺ. فقلتُ: صَدَقَ اللَّهُ ورسولُه، وقد دخل وقتُ العَصرِ حين رَأيتُه، فصَلَّيتُ وأنا أمشي أُومي برَأسي إيماءً. فلمَّا دَنَوتُ منه قال: "مَنِ الرَّجلُ؟". فقلتُ: "رجلٌ من خُزاعةَ سَمِعتُ بجَمعِكَ لمُحمَّدٍ فجِئتُكَ لأكونَ مَعَك عليه". قال: "أجلْ؛ إنِّي لَفي الجَمعِ له". فمَشَيتُ معه وحدَّثتُه فاستَحلَى حديثي وأنشَدتُه وقلتُ: "عَجَبًا لِمَا أحدَثَ مُحمَّدٌ مِن هذا الدِّينِ المُحدَثِ، فارَقَ الآباءَ وسَفَّه أحلامَهم". قال: "لم ألْقَ أحَدًا يُشبِهُني ولا يُحسِنُ قِتالَه". وكان يتوكَّأُ على عصًا يَهُدُّ الأرضَ، حتى انتَهَى إلى خِبائِه وتفرَّق عنه أصحابُه إلى منازِلَ قَريبةٍ منه، وهم يُطيفون به. فقال: هَلُمَّ يا أخا خُزاعةَ. فدَنَوتُ منه. فقال: اجلِسْ. فجَلَستُ معه حتى إذا هَدَأ الناسُ قَتَلتُه وأخذتُ رأسَه. ثم أقبلتُ فصَعِدتُ جَبَلًا، فدَخَلتُ غارًا وأقبَلَ الطلبُ من الخيلِ والرجالِ تَمعَجُ في كلِّ وجهٍ وأنا مُكتَمِنٌ في الغارِ، وكنتُ أسير الليلَ وأكمُنُ النهارَ حتى جِئتُ المدينة، فوَجَدتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجد، فلمَّا رآني قال: "أفلَحَ الوَجهُ". فقلت: وأفلَحَ وَجهُكَ يا رسول اللَّه". فوَضَعتُ الرَّأسَ بين يَدَيه وأخبَرتُه خَبَري، فدَفَع إليَّ عصًا وقال: "تَخَصَّرْ بِها في الجَنَّةِ؛ فإنَّ المُتخَصِّرين في الجَنَّةِ قَليلٌ. فكانتِ العصا عند عبدِ اللَّه بن أُنَيس حتى إذا حضَرَته الوفاةُ أوصى أهلَه أن يُدرِجوا العصا في أكفانِه. وكان عبد الله قد بقي 18 يومًا بعيدًا عن المدينة.
وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره الله مواصلة الدعاء للأحمديين الأسرى في اليمن، وخاصة رئيسة لجنة إماء الله، فهي محتجزة في ظروف صعبة جدًا كما هو حال الآخرين. نسأل الله تعالى أن يهيئ أسباب إطلاق سراحهم.
كما أرجو الدعاء للأحمديين الأسرى في باكستان حتى يتم إطلاق سراحهم، ويجب مواصلة الدعاء من أجل الفلسطينيين. فعندما يبدو أن الظروف تتحسن، ينتهي الأمر بما هو أسوأ. فالحكومة الإسرائيلية تتصرف بعناد شديد. نسأل الله تعالى أن ينقذ الفلسطينيين من هذه المظالم وأن يوفق المسلمين للقيام بدورهم.