ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 09/08/2024



 الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 09/09/2024 حيث تابع الحديث عن غزوة بَني المُصْطَلِق وقال:

بعد المعركة، بقي النبي ﷺ في الـمُرَيْسِيع لبضعة أيام، ولكن في أثناء ذلك أثار المنافقون فتنة كادت تحدث حربا بين المسلمين الضعفاء، ولكن النبي بسبب حكمته وتأثيره القدسي حمى المسلمين من النتائج الخطيرة لهذه الفتنة، والذي حدث أن خادم لسيدنا عمر، اسمه جهجاه، ذهب إلى نبع المريسيع لجلب المياه، وفي الوقت نفسه وصل سنان، أحد حلفاء الأنصار، إلى النبع لنفس الغرض، وكان كلاهما من الناس العاديين الهمجيين، فبدءا يتشاجران، وضرب جهجاه سنان فبدأ يصرخ وينادي: يا معشر الأنصار، استنجدوني فأني ضُربت، ولما رأى جهجاه ذلك بدأ هو أيضا بالمناداة على المهاجرين ليأتوا لمساعدته، والذين سمعوا هذه المناداة من الأنصار والمهاجرين سعوا إلى ذلك النبع مع سيوفهم، واجتمع هناك حشد كبير في وقت قليل، وكاد أن يهاجم بعضُ الشباب منهم بعضَهم ولكن وصل عدد من العقلاء من الجانبين في الوقت المناسب وأصلحوا بينهما فورًا.

وعندما بلغ النبيَّ هذا الخبر قال: مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ وأبدى سخطه لذلك. وانتهى الأمر على هذا، ولكن لما علم عبد الله بن أبي، زعيم المنافقين، بهذا الحادث حاول إنعاش الفتنة من جديد. حيث حرض أتباعه ضد النبي والمسلمين وقال: إنه لخطؤكم لأنكم آويتم هؤلاء المسلمين المشردين حتى سيطروا علينا، والآن عليكم أن تسحبوا دعمَكم لهم فسوف يتركون كل شيء ويرجعون. ثم قال هذا الشقي: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ.

كان طفلٌ مسلم مخلص اسمه زيد بن الأرقم موجودا هناك، فعندما سمع هذه الكلمات من لسان عبد الله بحق النبي اضطرب بشدة ونقل الخبر إلى النبي فورًا بواسطة عمّه. كان عمر t عند النبي فاستشاط غضبا وغِيرة بسماع تلك الكلمات، وقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله : "دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه."

ثم دعا رسول الله ﷺ عبدَ الله بن أُبي بن سلول وأصحابه وسألهم: ما القصة، فقد سمعتُ كذا وكذا. فقالوا حالفين: إننا لم نقل هذا. وقال بعض الأنصار أيضًا على سبيل الشفاعة: لعل زيدَ بن الأرقم قد أساء الفهم، فقبِل النبي ﷺ ما قاله عبد الله بن أُبي بن سلول وأصحابه وردّ ما قاله زيد، مما أشعر زيد بحزن شديد. ولكن وحي الله تعالى النازل فيما بعد صدّق قولَ زيد وكذّب المنافقين.

لما دعا النبي ﷺ عبدَ الله بن أبي وغيره للتحقق من هذا الأمر، أمر عمر t أن يطلب من الناس العودة. وكان ذلك وقت الظهر ولم يكن يرتحل فيه عموما لأنه وقت الحر الشديد في الجزيرة العربية والسفر فيه يكون شاقا ولكن النبي ﷺ رأى في تلك الظروف أن الارتحال في ذلك الوقت مناسبا. فاستعد جيش المسلمين فورًا للعودة.

وغالبا في نفس المناسبة جاء أسيد بن حضير الأنصاري، أحد رؤساء الأوس، وقال للنبي ﷺ: يا رسول الله لقد رحت في ساعة لم تكن تروح فيها. فقال: أوما بلغك ما قال عبد الله بن أبي؟ قال: إن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذلَّ. قال أسيد: فأنت والله تخرجه إن شئت فإنك العزيز وهو الذليل، ثم قال: يا رسول الله، إنك تعلم أنه كان عزيزا في قومه قبل مجيئك، وكان قومه ينظمون له الخرز ليتوجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكًا. فبدأ يحسدك بسبب ذلك. لذا أرجو ألا تبالي بقوله وتغض الطرف عنه.

 

وبعد وقت قصير جاء إلى النبي ﷺ عبد الله بن عبد الله بن أبي مضطربًا، وكان مسلمًا صادقًا فقال: "يا رسول الله، إن كنت تريد أن تقتل أبي فيما بلغك عنه فمرني به، فوالله لأحملن إليك رأسه قبل أن تقوم من مجلسك هذا، والله لقد علمت الخزرجُ ما كان فيها رجل أبرّ بوالديه مني، وإني لاخشى يا رسول الله أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله فأدخل النار. وعفوك أفضل، ومَنُّك أعظم".

فقال رسول الله ﷺ: "يا عبد الله، ما أردت قتله ولا أمرت به، ولنحسنن له صحبته ما كان بين أظهرنا"

 

بدأت المسيرة ظهرًا واستمرت خلال ما تبقى من اليوم وطوال الليل وخلال ساعات الصباح من اليوم التالي، وعندما خيموا، كان الجميع متعبين جدًا فناموا على الفور ولعدة ساعات. وهكذا، بفضل حكمة النبي ﷺ تحول اهتمام المسلمين عن الحادث المزعج في اليوم السابق، وتم حمايتهم من الضرر الذي كان يدبره المنافقون. ومع ذلك، فإن هذا الإحباط لم يثبط المنافقين، وفي الواقع فإن كل إحباط كان يحرضهم للانخراط في مزيد من الأذى وللتخطيط لحيل تخريبية أشد خطورة.

وقرب المدينة أوْقف عبد الله والده وقال له إنه لن يدعه يدخل المدينة حتى يسحب الكلام الذي قاله ضد رسول الله، وقال له: "إن اللسان الذي قال إن الرسول هو الأذل وأنت الأعز، يجب أن يقول الآن إن الرسول ﷺ هو الأعز وإنك أنت الأذل، ولن أدعك تذهب حتى تقول ذلك". صُدم عبد الله بن أبي بن سلول وخاف، وقال: "حقًّا ما قال ابني؛ إن محمدًا هو الأعز وأنا الأذل". وعند ذلك أفسح عبد الله لأبيه الطريق.

 

وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره الله الدعاء للأحمديين في بنغلادش حيث هاجم المعارضون مساجد الجماعة والجامعة الأحمدية وأحرقوا بيوت بعض الأحمديين، ولكن هذا لم يزعزع إيمانهم وهم يقولون إننا سنتحمل كل شيء لوجه الله، فادعوا الله أن يحميهم ويمن عليهم بفضله ويبطش بالمعارضين.

وادعوا كذلك للأحمديين في باكستان حيث تزداد أوضاعم سوءًا بتحريض من المشايخ الذين يظلمون الأحمديين باسم الله ورسوله، وادعوا كذلك للفلسطينيين أن يبطش الله بظلامهم وادعوا للعالم الإسلامي بشكل عام الذي يمارس فيه المسلمون المظالم ضد بعضهم بعضا أن ينجيهم الله ويهديهم للإيمان بإمام الزمان فهذا طريق نجاتهم الوحيد لو كانوا يعقلون.

ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على الشهيد ذكاء الرحمن وعلى المرحومة سيدة بشير وذكر نبذة من حياتهما.