ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد في 30/08/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في الثلاثين من شهر أغسطس/آب، حيث تابع الحديث عن واقعة الإفك وقال:

كتب المسيح الموعود عليه السلام بهذا الصدد:

"من صفات الله أنه يزيل نبوءات الوعيد بالصدقة والتوبة والاستغفار.. ويثبت من القرآن الكريم والحديث أن التهمة التي ألصقها المنافقون بعائشة رضي الله عنها بمحض خبث طويتهم اشترك فيها بعض الصحابة البسطاء ومنهم صحابي كان يأكل على مائدة أبي بكر رضي الله عنه صباح مساء. فحلف أبو بكر على سبيل الوعيد بأنه لن يطعمه بعد ذلك عقوبة على خطئه، فنزلت الآية: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. عندها نقض أبو بكر عهده وبدأ يطعمه كسابق عهده. فمن أخلاق الإسلام أن المرء إن عهد على سبيل الوعيد فإن نقضه يُعدّ من حسن الأخلاق... ولكن لا يجوز الإخلاف في الوعد.

وكتب ميرزا بشير أحمد:

"لم تكن غاية المنافقين من حادثة الإفك مجرد الهجوم على شرف أكثر النساء صلاحًا فحسب، ولكن ليُقَلّل من احترام النبي ﷺ ولزعزعة أساسات المجتمع المسلم. وقد تمت هذه الدعاية الشريرة بطريقة تمكنت من اصطياد بعض المسلمين الصادقين البسطاء في شبكتها الكبيرة، ومن بينهم حسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، ومسطح بن أثاثة، وقد عفت عائشة عنهم جميعًا وكان كلما مر عليها حسان بعد ذلك، تستقبله بحفاوة. وفي إحدى المرات، عندما طلب الإذن للدخول، كان هناك مسلمًا حاضرًا اسمه مسروق، قأعرب عن دهشته أن عائشة سمحت له بالدخول فقالت له: "يجب التماس العذر له؛ رجل فقيرٌ وأعمى، ولا يمكنني أن أنسى كيف كان ينافح في شعره عن النبي" ثم دخل حسان، وجلس وأنشد بعض أبيات الشعر في مدح عائشة وأنه لا يجوز الحديث بسوء عن المحصنات، فتبسمت عائشة وقالت: "ولكنك ليس كذلك؟".

ويقول سيدنا المصلح الموعود:

"علينا أن نبحث عن الهدف الذي أراد المتهمون تحقيقه من وراء إلصاقهم هذه التهمة بعائشة؟ طبعًا لم يكن وراء ذلك عداء شخصي ضد عائشة، فما مبرّر أن يبغض المرءُ امرأة جالسة في البيت لا دخل لها في أمور السياسة والحكومة وما إلى ذلك؟ هنالك احتمالان فقط وراء إلصاقهم التهمة بعائشة؛ فإما أن تكون هذه التهمة صحيحة، وهو احتمال لا يصدّقه أي مؤمن إطلاقًا حتى للحظة، ولا سيما أن الله قد فند هذه التهمة الخبيثة، والاحتمال الآخر أن يكون هؤلاء المنافقون يريدون إلحاق الضرر بأناس آخرين.

والقليل من التدبر يكشف لنا أن ثمة شخصين اثنين كان بإمكانهم الانتقام منهما من خلال اتهام عائشة، وهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه -، إذ كانت زوجةَ الأول وابنةَ الثاني. فكان بإمكانهم أن يحقّقوا بعض المآرب والأهداف بالتشهير بهاتين الشخصيتين، إذ لا مبرر أن تكون لهم أي رغبة في التشهير بعائشة ولم يكن لها أي خصم إلا ضرائرها، والتاريخ يؤكد أن ضرائرها لم يتورطن في هذه القضية إطلاقا، وإذا سئلت إحداهن بهذا الصدد أثنت على عائشة خيرًا. تقول عائشة نفسها كنت أعتبر زينب بنت جحش خصمي الوحيد بين جميع زوجات الرسول ﷺ، ولكني لن أنسى المعروف العظيم الذي صنعته بي حيث قامت بتفنيد التهمة التي أُلصقت بي بأشد مما فعلته أي امرأة أخرى.

فثبت أنه كان وراء رميهم عائشة بهذه التهمة إما عداؤهم للرسول ﷺ أو بغضهم لأبي بكر رضي الله عنه. لقد كان النبي يتبوأ منزلة ما كان لهؤلاء أن يطالوها، إنما الخطر الذي كانوا يستشعرونه أنهم ربما لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أيضًا، إذ كانوا يرون في أبي بكر خطرًا يهددهم بعد الرسول ﷺ فهو الوحيد الذي كان أهلا لأن يكون خليفة بعده صلى الله عليه وسلم. فاتهموا عائشة رضي الله عنها لتسقط هي في نظر النبي وبالتالي يفقد أبو بكر المكانة المرموقة التي يتبوءها في نظر المسلمين فيتبرءون منه ولا يكنّون له الحب والاحترام اللذين يبدونهما نحوه وبالتالي لا يبقى هناك أي إمكانية ليخلف هو الرسولَ بعد وفاته. ولهذا السبب قد ذكر القرآن الكريم موضوع الخلافة بعد الحديث عن واقعة الإفك. فقد ورد في الحديث أن الصحابة كانوا يقولون فيما بينهم خلال حياة النبي إن أبا بكر أفضل الناس بعده صلى الله عليه وسلم. كما ورد أن النبي ﷺ قال لعائشة مرة: وددت أن أعيّن أبا بكر خليفة بعدي، ولكني أعلم أن الله تعالى والمؤمنون لن يرضوا بسواه، فلم أكتب شيئا. 

فالصحابة كانوا موقنين أنه أفضل الناس بعد الرسول ﷺ والأجدر بخلافته. ذلك أنه لم يكن في الفترة المكية أي حكومة ولا نظام، ولكن بعد هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة قامت الحكومة الإسلامية، وكان طبيعيا أن يخاف المنافقون من أن يخلفه أحد، فيطول زمن الحكم الإسلامي فيهلكوا للأبد. ذلك لأن هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت قد خيبت الكثير من آمالهم، إذ الثابت من التاريخ أنه كان في المدينة قبيلتان عربيتان: الأوس والخزرج، وكان أبناؤهما يتحاربون ويسفكون الدماء فيما بينهم دائما. فلما رأوا أن الحرب بينهم قد أدت إلى زوال هيبتهم بين الناس قرروا الهدنة والتصالح واتفقوا على أن يتخذوا أحدا من بينهم سيدا عليهم. فقرروا أن يكون عبد الله بن أبي بن سلول ملكا عليهم، فأخذوا يستعدون لذلك وأمروا بصناعة تاج له. وفي تلك الأيام ذهبت قافلة من حجاج المدينة إلى مكة، وعندما عادوا ذكروا أن نبي آخر الزمان قد ظهر بمكة وأنهم قد بايعوه. فأخذ الناس يتكلمون حول دعوته صلى الله عليه وسلم وبعد بضعة أيام ذهبت مجموعة أخرى إلى مكة وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم والتمسوا منه أن يبعث معهم معلما يقوم بتربيتهم وينشر الدعوة بينهم. فبعث أحد صحابته معهم ليقوم بالدعوة بينهم، فدخل كثير من أهل المدينة في الإسلام. وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته في تلك الأيام عرضة لصنوف التعذيب والاضطهاد، فالتمس منه أهل المدينة أن يهاجر إليهم. فهاجر مع صحابته، وحُرم عبد الله بن أبي بن سلول من التتويج، إذ قد وجدوا سيد الكونين - صلى الله عليه وسلم - فلم يعودوا بحاجة إلى أي ملك آخر.

وفي ختام الخطبة، ذكر أمير المؤمنين نصره الله أن غير الأحمديين الذين حضروا الجلسة في ألمانيا قد قدموا انطباعات رائعة ومدحوا الأجواء والترتيبات ووصلت رسالة الجماعة للملايين من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على الإمام محمد بيلو من السودان، وذكر نبذة من حياته.