لخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد،06/09/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في السادس من سبتمبر/أيلول الجاري، والتي استهلها بالآيات 10-26 من سورة الأحزاب ثم قال:

سميت غزوة الأحزاب باسم الخندق لأن المسلمين حفروا لأول مرة فيها خندقًا على خلاف عادة العرب، وتسمى بالأحزاب لأن الكثير من القبائل والمجموعات انضمت معًا فيها لقتال المسلمين.

في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة أُخرج بنو النضير من المدينة بسبب تآمرهم لاغتيال الرسول ﷺ وكان إجلاؤهم هو العقوبة الأخف على خيانتهم، فاستقروا في خيبر ولكن خلال أربعة أشهر وضعوا خطة لإبادة المسلمين تمامًا فذهب زعيم بني النضير حيي بن الأخطب إلى قريش وأبدى تأييده ضد المسلمين واقترح عليهم عقد حلف معًا للقضاء على المسلمين، فرحب بهم أبو سفيان وقال أعز الناس علينا من يعارض محمدًا، فتعاهدوا جميعًا على التعاون على إبادة المسلمين.

بعد وضع خطة للقضاء على المسلمين، توجه وفد بني النضير إلى قبائل عربية أخرى معارضة للإسلام، وعلى هذا النحو تمكنوا من حشد الدعم والجنود من قبائل بني غطفان، وبني سليم، وبني فزارة، وبني أسد، وبني مرة، وبني أشجع. وكانت كل هذه القبائل معروفة جيدًا في جميع أنحاء الجزيرة العربية بقوتها.

كتب حضرة ميرزا بشير أحمد t:

"كانت غطفان وسليم متعطشة لدماء المسلمين وظلت تخطط لمهاجمة المدينة، إلا أنها لم تجمع قواتها في ساحة واحدة لمقاومة الإسلام. وعندما أجلي بني النضير ونسي زعماؤهم منة النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه، جمعوا القوات المتفرقة في الجزيرة العربية كلها في مكان واحد في محاولة لمحو الإسلام. ولما كان اليهود ماكرين جدا في تدبير مثل هذه المؤامرات، فقد نجحت جهودهم في جمع قبائل الجزيرة العربية في ساحة المعركة معًا ضد المسلمين.

كان من بين زعماء اليهود سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع، مسئولين عن هذه الفتنة. فانطلقوا من خيبر، وجابوا قبائل الحجاز ونجد، ولكنهم  وصلوا أولًا إلى مكة، واستعانوا بقريش، ولإرضاء قريش قالوا لهم إن دينكم أفضل من دين المسلمين. ثم سافروا إلى نجد وتحالفوا مع قبيلة غطفان، وحرضوا قبائل فزارة، ومُرة، وأشجع، وغيرها للخروج معهم. وبعد ذلك، وبفضل تحريض قريش وغطفان، انضمت قبائل بني سليم وبني أسد للهجوم على المسلمين. كما أرسل اليهود إلى حلفائهم بني سعد للوقوف إلى جانبهم. وبالإضافة إلى هذا التحالف القوي، استقدمت قريش العديد من الناس من القبائل المحيطة الخاضعة لها.

وبعد استعداد كامل، تدفقت هذه الوحوش المتعطشة للدماء من الصحراء العربية إلى المدينة المنورة في شكل طوفان عظيم بهدف إبادة المسلمين. وقرروا أنهم لن يعودوا من المدينة حتى يمحوا المسلمين من على وجه الأرض."

خرج جيش قريش بأربعة آلاف جندي يقودهم أبو سفيان، وخالد بن الوليد على رأس الفرسان، وعثمان بن طلحة حاملاً اللواء، وانضم إليهم سبعمائة رجل من بني سليم، وألف رجل من بني فزارة، وأربعمائة رجل من بني أشجع، وأربعمائة رجل من بني مرة، وستة آلاف جندي من بني غطفان، ومن اليهود ألفا جندي. وعلى هذا فإن العدد الإجمالي لهذا الجيش يقدر بعشرة آلاف، أو حسب تقارير أخرى أربعة وعشرين ألف جندي. وكان هذا أكبر جيش مسجل في الجزيرة العربية حتى ذلك الوقت.

يقول حضرة ميرزا ​​بشير أحمد (رضي الله عنه):

"يُقدَّر عدد هذا الجيش العظيم من الكفار بما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف رجل، بل في ضوء بعض الروايات كان أربعة وعشرين ألف رجل. وحتى لو اعتُبر التقدير بعشرة آلاف صحيحًا، فإن هذا العدد كان كبيرًا في ذلك الوقت لدرجة أنه ربما لم يشارك مثل هذا العدد الكبير في حروب القبائل في شبه الجزيرة العربية قبل ذلك. وكان القائد الأعلى للجيش بأكمله هو أبو سفيان بن حرب"

يقول سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه:

"في السنة الخامسة للهجرة، احتشد جيش ضخم قدّر المؤرخون قوّته بعدد يبلغ عشرة آلاف أو أربعة وعشرين ألف رجل، ولكن جيشًا يحتشد من القبائل المختلفة في الجزيرة العربية لا يمكن أن يكون تعداده عشرة آلاف، لذلك تبدو الحقيقة أقرب إلى الأربعة والعشرين ألف مقاتل؛ ولعلهم كانوا ثمانية عشر أو عشرين ألفًا. ولم تكن المدينة التي يرغب كل هذا الحشد في مهاجمتها سوى بلدة متوسطة الحجم، لا تستطيع على الإطلاق أن تقاوم غزوًا منسقًا تقوم به كل الجزيرة العربية. كان تعداد المدينة إذ ذاك لا يتعدّى ثلاثة آلاف من الذكور، بما في ذلك الشيوخ والشباب والأطفال. وفي مواجهة هذا التعداد السكاني، حشد العدوّ جيشًا من عشرين ألفًا إلى أربعة وعشرين ألفًا من الرجال الأشداء، المتمرّسين على الحرب وفنون القتال. وحيث إنهم جاءوا من الأجزاء المختلفة في الجزيرة العربية، فقد أُحسن اختيارهم ليكونوا ضمن هذا الجيش. ومن ناحية أخرى، كان كل من يمكن استدعاؤه لمقاومة هذا الجيش الجرّار، هم جميع السكان الذكور في المدينة، ويمكن الحكم على احتمالات نجاح مواجهة مثل هذا العدد الهائل الذي كان على سكان المدينة أن يناجزوه، فقد كان نِزالاً غير متكافئ إلى أبعد الحدود. فالعدوّ كان يضم من عشرين إلى أربعة وعشرين ألفًا من المقاتلين الأقوياء، بينما لا يكاد يبلغ المسلمون ثلاثة آلاف، هم كل ذكور المدينة كما سبق ذكره، بما فيهم الكبير والصغير."

لم يكن من الممكن الإبقاء على تحركات هذه القوة الكبيرة سرًا، بالإضافة إلى أن نظام النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستخباراتي كان منظمًا تنظيمًا جيدًا، وبذلك عندما بدأ الجيش بالتحرك من مكة، وردت إشارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فاستدعى أصحابه للتشاور، فاقترح الصحابة الدفاع عن المدينة من الداخل واقترح سلمان الفارسي أن أفضل طريقة لحماية المسلمين لأنفسهم في هذه الحالة التي يواجهونها هي حفر خندق طويل وعريض حول المدينة المنورة. فقبِل النبي ﷺ هذه الفكرة. وورد في روايات أخرى أن النبي ﷺ قد تلقى فكرة حفرة الخندق إلهاما من الله تعالى.

وفي ختام الخطبة، حث أمير المؤمنين نصره الله الجميع على تذكر الأحمديين في باكستان في أدعيتهم في هذه الأيام خصوصًا، وقال إن على الأحمديين في باكستان أنفسهم أن يركزوا على الدعاء والصدقة، ودعا الله تعالى أن يحفظهم ويرد شر المفسدين. كما طلب مواصلة الدعاء للأوضاع العامة في العالم.