ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/11/2024
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 22/11/2024، حيث تابع الحديث عن صلح الحديبية وقال:
عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم وادي الحديبية، أقام عند مائها. وبعد أن نصب الصحابة مخيماتهم في المكان، وصل بُدَیْل بن ورقاء، زعيم خزاعة في نفرٍ من قومه، وأطلع النبي ﷺ على غضب قريش وتصميمها على عدم السماح للمسلمين بدخول المدينة فقال صلى الله عليه وسلم: "إنا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأضَرَّتْ بِهِمْ، فَاِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَاِنْ أظْهَرْ فإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإلاَّ فَقَدْ جَمُّوا، وَإنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ". تأثر بديل كثيرًا بكلمات النبي ﷺ وقال إنه سيعود إلى مكة ويحاول التوصل إلى اتفاق مع قريش، فوافق النبي على ذلك، وعاد بديل وركبه إلى قريش، فقال ناس منهم: هذا بديل وأصحابه يريدون أن يستخبروكم فلا تسألوهم عن حرف واحد، فلما رأى بديل أنهم لا يستخبرونه قال: جئنا من عند محمد، أتحبون أن نخبركم عنه؟ فأشار عليهم عروة بن مسعود الثقفي بسماع كلام بديل فإن أعجبهم قبلوه وإلا تركوه، فقال بديل: إن محمدًا لم يأت لقتال إنما جاء معتمرا وأخبرهم بمقالة النبي ﷺ فقال عروة: إني لكم ناصح، وعليكم شفيق، لا أدخر عنكم نصحا، فإن بُديلًا قد جاءكم بخطة رشد لا يردها أحد أبدا فاقبلوا منه، وابعثوني حتى آتيكم بمصداقها من عنده، فبعثته قريش الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
فجاء رسول الله ﷺ وأثناء حديثه كان يمس بيده لحية النبي r وعن هذا يقول سيدنا المصلح الموعود (رضي الله عنه):
"عندما توجه الرسول صلى الله عليه وسلم للطواف بالبيت، علم كفار مكة بذلك فأرسلوا أحد زعمائهم إليه ليخبره أن لا يأتي للطواف هذا العام. وصل ذلك الزعيم إلى النبي وبدأ يحادثه. وأثناء الحديث، مد يده ولمس لحية النبي المباركة متوسلاً إليه أن لا يطوف هذا العام وأن يؤجل ذلك إلى العام المقبل. ومن عادات أهل آسيا أنهم عندما يريدون إقناع شخص بشيء، يلمسون لحيته كنوع من التوسل، أو يلمسون لحيتهم هم قائلين: 'انظر! أنا شيخ كبير وزعيم القوم، فاقبل ما أقول.' وهكذا لمس هذا الزعيم لحية النبي متوسلاً.
عندما رأى ذلك أحد الصحابة، تقدم وأمسك بمقبض سيفه وقال للزعيم: 'ارفع يدك النجسة.' فعرف الزعيم هذا الصحابي وقال له: 'ألست أنت الذي أحسنت إليه في موقف كذا؟' فلما سمع الصحابي ذلك، صمت وتراجع. فعاد الزعيم ولمس لحية النبي متوسلاً مرة أخرى.
يقول الصحابة: كنا نشعر بغضب شديد من لمس هذا الزعيم للحية النبي، لكننا لم نجد في ذلك الوقت شخصًا لم يكن للزعيم عليه فضل أو إحسان، وتمنينا لو كان بيننا شخص لم يكن لهذا الزعيم عليه أي فضل. وفي تلك اللحظة تقدم من بيننا رجل متدرع من رأسه إلى قدميه، وخاطب الزعيم بحماس قائلاً: 'ارفع يدك النجسة.' كان هذا الشخص هو أبا بكر رضي الله عنه. فلما عرفه الزعيم قال: 'نعم، لا أستطيع أن أقول لك شيئاً لأنه ليس لي عليك أي فضل.'"
يقول حضرة مرزا بشير أحمد (رضي الله عنه):
"في غمرة حماسة قريش العمياء، قرروا أنه الآن وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على مقربة من مكة وبعيداً عن المدينة، فينبغي مهاجمتهم وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بهم. ولهذا الغرض، أرسلوا مجموعة من أربعين إلى خمسين رجلاً نحو الحديبية، وفي ظل المحادثات الجارية بين الطرفين آنذاك، أمروا هؤلاء الرجال بالتجول حول معسكر المسلمين متربصين، وإلحاق الضرر بالمسلمين كلما سنحت لهم الفرصة.
كان المسلمون في غاية الغضب من هذا العمل الذي قامت به قريش في الأشهر الحرم وفي منطقة الحرم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنهم ولم يسمح بأن يكون ذلك عائقاً في مواصلة محادثات الصلح."
لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديبية فزعت قريش لنزوله إليهم، فأحب أن يبعث إليهم عمر بن الخطاب الذي قال: يا رسول الله أخاف قريشا على نفسي وقد عرفت قريش عداوتي لها، ولكني أدلك على رجل أعز بمكة مني، وأكثر عشيرة وأمنع، وإنه يبلغ لك ما أردت، عثمان بن عفان.
فأمرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سيدَنا عثمان بالذهاب إلى مكة وإخبار قريش بأن المسلمين يريدون السلم ولا ينوون إلا أن يعتمروا فقط. وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا موجهًا إلى زعماء قريش، شرح فيه هدفه للمجيء مؤكدًا لهم أن نيته فقط القيام بالعبادة أي أداء العمرة في سلام ثم العودة. كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه بأن يسعى للقاء المسلمين المستضعفين في مكة وأن يرفع هممهم ويوصيهم بالصبر قليلا فإن الفرج من الله قريب.
ذهب سيدنا عثمان رضي الله عنه بهذه الرسالة إلى مكة والتقى بأبي سفيان زعيم مكة وكان من أقاربه. وجمع عثمان أهل مكة في مكان عام، وقرأ عليهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، كما جعل مختلف زعماء مكة يرونها واحد واحدا، ومع ذلك ظلوا مصممين على ألا يسمحوا للمسلمين بدخول مكة هذا العام.
وعندما سعى عثمان لإقناع قريش، قالوا له: نسمح لك أنت، بزيارة الكعبة والطواف بها، فقال عثمان رضي الله عنه: كيف يمكن أن أطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع منه خارج مكة. بدأ عثمان يستعد للعودة إلى معسكر المسلمين، فرأى بعض أشرار قريش احتجازه في مكة، ظنًا منهم، أن هذا سيمكّنهم من الحصول على شروط أفضل في مفاوضات الصلح. فشاع بين المسلمين أن المكيين قد قتلوه، ولما بلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا، وأخذ من الصحابة ما يسمى ببيعة الرضوان حيث تعهَّدَ كل مسلم أنه سيضحي بنفسه من أجل الإسلام وعزته، ولن يفرّ من هناك. وأحد الجوانب الهامة لهذا العهد هو أنه لم يكن فقط إقرارًا باللسان قد صدر بحماس مؤقت، بل كان صوتًا خرج من صميم الأفئدة، وكانت قوة المسلمين كلها قد ارتكزت في هذه النقطة الوحيدة.
وفي ختام الخطبة ذكر أمير المؤمنين نصره الله أن الأوضاع في أوروبا تتجة نحو الحرب بسرعة نتيجة ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا، وطلب الدعاء للعالم وللأمة الإسلامية وقال إن على الأحمديين تخزين مؤونة كافية لشهرين أو ثلاثة مع ضرورة التركيز على إحراز التقرب من الله والسعي لنيل رضاه تعالى.