ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 27/12/2024



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 27/12/2024  حيث تابع الحديث عن أحداث من سيرة النبي ﷺ ومنها سرية أسامة بن زيد وقال:

ذكر ابن سعد وغيره من علماء السيرة تاريخ هذه الغزوة في جمادى الآخرة السنة السادسة من الهـجرة، ولكن العلامة ابن القيم ذكر في زاد المعاد أن هذه الغزوة كانت سنة سبع هـجرية بعد صلح الحديبية، ولعل أساس قول ابن القيم أن الرواية تقول إن سبب هذه الغزوة أن دحية الكلبي كان عائدًا إلى المدينة بعد لقائه بقيصر، فنهبه بنو جذام في الطريق، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل دحية رضي الله عنه برسالة إلى قيصر بعد صلح الحديبية، ولهذا لا يمكن أن تكون هذه الواقعة قد وقعت قبل صلح الحديبية بحال من الأحوال. وهذا الدليل واضح في ذاته، وعلى هذا فإن رواية ابن سعد جديرة بالرفض. ولكن هناك تفسير لم ينتبه إليه العلامة ابن القيم، وهو أن دحية ربما سافر إلى الشام للقاء قيصر أكثر من مرة. أي كانت المرة الأولى قبل صلح الحديبية، حيث ذهب بغرض التجارة وقابل قيصر أيضًا. وفي المرة الثانية، بعد صلح الحديبية، سافر برسالة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد أرسله النبي (صلى الله عليه وسلم) سفيرًا لأنه قد قابل قيصر سابقًا. ويؤيد هذا التفسير أيضًا أن ابن إسحاق كتب أنه في الرحلة الأولى كان مع دحية بضائع تجارية، أما في الرحلة بعد صلح الحديبية فلا يبدو أن هناك علاقة ظاهرة بالتجارة. ويحتمل أيضًا أن تكون رحلة دحية هذه للتجارة فقط، وقد خلط ابن سعد بين الرحلة الثانية والأولى، فجمع بين ذكر لقاء قيصر وبين هذه الرواية على سبيل الظن. والله أعلم.

كان دحية الكلبي عائدًا من الشام بعد لقاء قيصر وكان معه بعض الهدايا من قيصر وشيء من أموال التجارة، فلما مرَّ من بني جذام هاجمه رئيس القبيلة الهنيد بن عارض برفقة عدد من رجال القبيلة وغصبوا منه كل ما كان عنده من كسوة قيصر وأموال التجارة، فلم يتركوا عليه إلا سمل ثوب. فلما علم بذلك بنو الضبيب وكانوا فرعا من بني جذام، وكان قد أسلم بعضهم نفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه.

قدم دحية على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فبعث - صلى الله عليه وسلم – زيد بن حارثة في خمسمائة رجل ومعهم دحية. كان زيد يسير الليل ويكمن النهار فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصبح على بني جذام. فقاومه بنو جذام واندلعت معركة إلا أنهم لم يثبتوا أمام الهجوم المفاجئ من المسلمين، وهربوا بعد مقاومة قصيرة، وانتصر المسلمون وعاد زيد بن حارثة بكثير من الغنائم وأخذوا مائة من السبي. لكن قبل أن يصل زيد إلى المدينة اطلع على حملة زيد هذه بنو الضبيب، وهم فرع من بني جذام، فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - برفقة رئيسهم رفاعة بن زيد وقالوا له: يا رسول الله، قد أسلمنا وقد كُتب كتاب الأمان لبقية قومنا، وعُقد الميثاق أنهم سيؤمَّنون، فلماذا تم الهجوم على قومنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدقتم، لكن زيدًا لم يكن على علم بذلك. ثم أبدى - صلى الله عليه وسلم - حزنه مرارا على من قُتلوا منهم. عندها قال صاحب رفاعة أبو زيد يا رسول الله إن الذين قتلوا لا نطالب بحقهم شيئا فقد حدث ما حدث لسوء فهم إذ كان بعض رجال قبيلتنا الذين كانوا قد كتبوا العهد قد تم توريطهم في القتال. إنما نريد أن تطلق سراح أسرانا وتعيد متاعهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا صواب ووافَق على طلبهم.

إن هذا يدحض بشكل واضح الادعاءات الفارغة بأن الإسلام خاض الحروب من أجل الحصول على الغنائم فقط، ففي هذه الأيام يهاجم المسلمون المسلمين أنفسهم، ناهيك عن احترام حقوق من عقدوا معهم العهود.

ثم هناك سرية زيد بن حارثة التي أرسلت إلى وادي القرى في رجب من العام السادس، فلما وصل زيد مع رجاله إلى وادي القرى كان رجال بني فزارة مستعدين لمقاومتهم. ففي هذه المعركة استُشهد عدد من المسلمين وأصيب زيد نفسه بجروح شديدة.

وهناك سرية عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) والتي جرت في شعبان سنة 6 هـجرية إلى دومة الجندل البعيدة حوالي 450 كيلومترًا من المدينة المنورة.

عن عبد الله بن عمر: كنا جالسين بصحبة النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهم) حاضرين أيضًا، فجاء إلى النبي رجل من الأنصار وسأله: يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال أحسنهم خلقا. قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم لما بعده استعدادا. فسكت الأنصاري، ونظر إلينا النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال:

"يا معشر المهاجرين، خمس إن ابتليتم بهن ونزل فيكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعملوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا الزكاة إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطَروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوهم من غيرهم وأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا ألقى الله بأسهم بينهم".

إن هذا الخطاب الذهبي للنبي (صلى الله عليه وسلم) يشكل بصيرة ممتازة في الأسباب الكامنة وراء صعود الأمم وانحدارها. وإذا التفت إليه المسلمون، فيمكن أن يكون درسًا ممتازًا حتى في الأوقات الراهنة.

ثم أمر النبي عبد الرحمن بن عوف ليتجهز لسرية سيبعثه عليها، فلما أصبح عبد الرحمن أمر النبی صلى الله عليه وسلم بلالا أن يدفع إليه اللواء ثم قال: خذ ابنَ عوف فاغزوا جميعا في سبيل الله فقاتَلوا من كَفر بالله، لا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثَّلوا ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد الله وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين.

أولهم السيد طيب أحمد البنغالي، فقد توفي في 11 ديسمبر الجاري عن عمر يناهز 97 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان قد بايع في عام 1942، عند انقسام الهند طَلب أن يبقى في قاديان وتمت الموافقة عليه، وكان آخر درويش من دراويش قاديان. والجلسة السنوية التي تعقد في قاديان في هذه الأيام هي أول جلسة ليس فيها أي درويش، ودعا سيدنا امير المؤمنين أيده الله تعالى أن يوفق الجيل الجديد للعيش في قاديان بإخلاص ووفا مقتفيا آثار أسلافهم.

والمرحوم الثاني هو الأستاذ مرزا محمد الدين ناز وكان واقف الحياة وتخرَّج في الجامعة الأحمدية بربوة في عام 1971 وعُين داعيةً ومربيا ثم عين أستاذا في الجامعة الأحمدية لقواعد اللغة العربية فدرَّس فيها لمدة 37 سنة. ثم عين ناظرا إضافيا للإصلاح والإرشاد لتعليم القرآن والوقف المؤقت. وكان يخدم الجماعة في هذه الأيام رئيسا لصدر أنجمن في باكستان، كما خدم في مجلس خدام الأحمدية ومجلس أنصار الله في باكستان في شتى المجالات حيث كان محرر مجلة خالد وأنصار الله أيضا. وكان له شرف أن يكون ضمن الأسرى في سبيل الله قرابة شهر وربع في عام 1994 وكان عضوا في مجلس الإفتاء، وعضوا في مجلس دار القضاء. كان مخلصا للجماعة. بدأ صلاة التهجد يوم كان عمره عشر سنوات ثم داوم عليها حتى الوفاة، كان يحضر الجلسات السنوية في بريطانيا  وقال أمير المؤمنين أيده الله تعالي أنه كان يبدي لي دوما الإخلاص والوفاء، وكان منخرطا في نظام الوصية.

والمرحوم الثالث السيد إكمراوا هايكيف الذي توفي قبل أيام إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم أول رئيس للجماعة في تركمانستان وظل يخدم الجماعة بهذه الصفة حتى الوفاة، كان قد بايع في عام 2010 فقد ترجم القرآن الكريم في اللغة التركمانية. كان قد رأى في الرؤيا رجلا صالحا قد ارتدى لباسا أبيض شديد البياض، قال له تعال إلي، وبعد أن تعرَّف إلى الجماعة حين رأى صورة سيدنا المسيح الموعود u قال هذا الذي كان قد دعاني إليه في الرؤيا. كان مخلصا جدا. تغمده الله بواسع رحمته وغفر له ورفع درجاته.