ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 03/01/2025



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 03/01/2025، والتي استهلها بقوله تعالى:

"لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"

ثم قال:

لقد أوضح المسيح الموعود (عليه السلام) إن على الإنسان أن لا يتعلق بأمواله إلى الحد الذي يمنعه من أن ينفقها في سبيل الله. كان هناك وقت حيث كانت التضحية المطلوبة من الإنسان هي حياته. كان لدى المسلمين الأوائل أيضًا زوجات وأطفال، وكانوا يحبون حياتهم، ومع ذلك كانوا ينتهزون أي فرصة للتضحية بها. وأوضح عليه السلام أيضًا أنه لا يمكن للمرء أن ينال البر بالإنفاق من الأشياء غير المفيدة التي لا يهتم بها. فكيف يمكن للمرء أن يفلح إذا لم يكن على استعداد لتحمل المشقة؟ لم يبلغ الصحابة مرتبتهم في رضا الله عنهم بتجنب المشقة.

قال المسيح الموعود (عليه السلام): "إن الإنفاق في سبيل الله تعالى إنما هو معيار سعادة الإنسان ومِحَكٌّ لتقواه. إن معيار وقف الحياة في سبيل الله في حياة أبي بكر (رضي الله عنه)  كان أن النبي ﷺ ذكر حاجةً ما فجاء أبو بكر بكل ما كان في بيته".

وكذلك فإن تاريخ الأحمدية حافل بأمثلة من الأحمديين الذين فهموا معنى وجوهر التضحية بالمال.

قال المسيح الموعود (عليه السلام) إن الخليفة الأول الحكيم المولوي نور الدين (رضي الله عنه) قد قدم مثالاً رائعا في هذا الصدد، فلو سُمح له لضحى بكل ما يملك.

وعندما بدأ الخليفة الثاني (رضي الله عنه) مشروع الوقف الجديد، قدم كثير من الناس، بما في ذلك الفقراء، كل ما استطاعوا من تضحيات مالية مهما كانت صغيرة حتى أن بعضهم قدم البَيض وبعضهم دجاجًا، لأن هذا كان كل ما لديهم.

تنتشر المادية اليوم في العالم أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، لا يزال هناك من يضحي وينفق في سبيل الله.

هناك امرأة من جزر مارشال تخدم في مطبخ الجماعة، فهي تحضّر الطعام مرتين في اليوم. وكلما تلقت راتبها، فإن أول ما تفعله هو التبرع نيابة عن نفسها وأحفادها الخمسة. إنها تقدم أكبر قدر من التبرعات لصندوق الوقف الجديد في الجزيرة، ولكن عند زيارة منزلها، يرى المرء البساطة والفقر الذي تعيشه.

وفي كازاخستان، يوجد رجل قال إنه مر عليه وقت لم يكن لديه فيه مال ليأكل وكان عليه أن يأخذ قروضًا لمجرد الأكل. ومع ذلك، حتى في ذلك الوقت، كان يقدم التضحيات المالية، وكان كلما تبرع، أعاد الله إليه مبلغًا أكبر، فكانت زوجته تسأله من أين جاء المال، فيجيبها أن هذا كله من بركات الله.

وهناك رجلٌ في غامبيا، عند استلامه شيك راتبه، قسم ماله إلى قسمين؛ قسمٌ للاستخدام الشخصي والآخر للتبرعات المالية. وحدث أنه أضاع الجزء الذي كان قد خصصه للاستخدام الشخصي، ولكن على الرغم من وجود احتياجات عليه الوفاء بها، لم يستخدم لنفسه المال الذي كان قد خصصه للتبرع بل تبرع به. وبعد فترة، وجد المال الذي فقده وسدّ احتياجاته.

وقال رجلٌ في تنزانيا إنه بعد أن علم ببركات التضحيات المالية، كان يحرص دائمًا على تخصيص جزء من راتبه للتبرع. وذات مرة، قرر أن يتبرع بالمال الذي خصصه لعمله. وعندما أبلغ البائعَ أنه لم يعد لديه المال ليشتري منه البضائع، قال له: لا داعي للقلق لأن نصف المبلغ قد تم دفعُه ويمكن دفع الباقي لاحقًا. يقول هذا الأخ إنه حتى يومنا هذا، ليس لديه أي فكرة من أين تم دفع نصف هذا المبلغ.

تحتاج الجماعة الأحمدية ككل الجماعات الإلهية إلى الأموال لبناء المساجد ونشر الرسالة. وفي أفريقيا وحدها هناك العديد من المساجد والمراكز التي تحتاج إلى الأموال لتشغيلها، فقد تم هناك بناء 7953 مسجدًا بينما لا يزال 306 منها قيد الإنشاء، وهناك 1860 مركزًا و400 داعية مركزي وأكثر من ألفي داعية محلي. ثم هناك دول أمريكا الجنوبية والجزر، التي تحتاج إلى مساعدة من المركز لتلبية احتياجاتها المالية، ونفقات التشغيل وتكاليف طباعة أدبيات الجماعة والمناشير وتوزيعها، وما إلى ذلك. ويتم تلبية كل هذه الاحتياجات من خلال صندوقَي التحريك الجديد والوقف الجديد.

هناك العديد من الاحتياجات، ولكن بطريقة ما، يواصل الله توفير الوسائل لتلبية هذه الاحتياجات. وإذا تم جمع المبالغ التي يتم جمعها في التحريك الجديد والوقف الجديد والتي تصل إلى المقر المركزي، فإنها ستبلغ 30-31 مليون جنيه إسترليني، والمساعدة السنوية التي ترسل لنحو 106 دول في العالم وحدها تساوي هذا المبلغ. ثم هناك الجامعات الأحمدية التي تحتاج إلى منح. وهناك إم تي إيه التي تحتاج إلى ملايين الجنيهات. وهناك أيضًا نفقات المقر الرئيس. إن الله تعالى يوفر الوسائل اللازمة لتلبية كل هذه النفقات بطرق لا يستطيع أحد فهمها. حتى عندما يبدو أن النفقات باهظة ولا يمكن الوفاء بها، فإن الله تعالى يوفر الوسائل اللازمة لتلبية هذه النفقات.

وفي ختام الخطبة، دعا أمير المؤمنين نصره الله أن يبارك الله في أموال المضحِّين، وأعلن انتهاء السنة السابعة والستين وبدء السنة الجديدة للوقف الجديد.

قدمت الجماعة في العالم في هذا الصندوق خلال السنة المنصرمة حوالي 14.6 مليون جنيه استرليني بزيادة 736 ألف جنيه عن السنة الماضية، وجاء في المراكز الخمس الأولى: المملكة المتحدة ثم كندا ثم ألمانيا ثم أمريكا ثم الهند. وقد كان عدد المتبرعين مليون وخمسمئةٍ وواحدٍ وخمسين ألف متبرع.

ثم طلب أمير المؤمنين الدعاء أن تكون هذه السنة الجديدة مباركة للأحمديين في العالم، وقال إن هناك في باكستان متشددون يستغلون القانون لمعارضة الجماعة وارتكاب المظالم ضدها، فدعا الله تعالى أن يبطش بهؤلاء الظالمين عاجلًا ويحفظ الأحمديين، وأن يحمي ربوة وأهلها وذكر أنه قد أكد سابقًا على ضرورة الالتزام بالصلاة على النبي ﷺ فيجب مواصلة ذلك ويجب الدعاء للأحمديين في بنغلاديش وسورية وإفريقيا وفي كل مكان أن يبقوا سالمين ويجب أن يدعو الأحمديون لأنفسهم ولبلادهم التي يقطنون بها، ويجب الدعاء للأوضاع العامة في العالم أن يحفظه الله من الحروب، وأن يخيّب خطط القوى الكبرى لممارسة الظلم على الأمم الفقيرة، وأن نرى قيام وحدانية الله تعالى في العالم كله، آمين.