فوائد الصيام للصحة الروحية والجسدية

"وَاَنۡ تَصُومُوۡا خَيْۡرٌ لَّكُمْ إِنۡ كُنۡتُمۡ تَعْلَمُوۡنَ" (البقرة: 185)

تشجع هذه الآية المسلمين على الصيام، حيث إن فوائد الصيام عديدة وتشمل الفوائد الروحية والعقلية والاجتماعية والجسدية.

يصوم المسلمون في جميع أنحاء العالم في شهر رمضان، كما يصومون تطوعًا، وخاصة يومي الاثنين والخميس. وبالمثل، تمارس الديانات المختلفة (من المسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس) الصيام بأشكال مختلفة. ومن المثير للاهتمام أن الصيام الديني يمكن أن يساعد في تحسين صحة الفرد وكذلك المجتمع والكوكب.

في أيامنا هذه، أصبح الصيام مقبولًا أيضًا من قبل غير المتدينين. على سبيل المثال، أصبح الصيام المتقطع يتمتع بشعبية متزايدة بين المشاهير وبين عامة الناس أيضًا.

فوائد روحية:

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلذِينَ ءَامَنُواْ كُتِيب عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ من قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتقُونَ"

ورد في تفسير هذه الآية:

"إن من خصائص القرآن أنه كلما أمر بأمر مهم، فإنه لا يعطيه اعتباطًا، بل يبين فائدته أيضًا حتى يقتنع المخاطب بالحكمة الكامنة وراءه ويقتنع بها. وقد ذكر في هذه الآية أن غرض الصيام هو تحقيق التقوى". (التفسير الوسيط، المجلد الأول، ص: ٢٩٣)

ثم يقول الله تعالى:

"شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰت مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ" (البقرة:186)

اختير شهر رمضان للصيام، لأنه شهر مقدس نزل فيه القرآن. وكلنا نعلم أن القرآن الكريم ليس كتابًا عاديًا، كما جاء في تفسير هذه الآية:

"إنه كتاب مملوء بالهدى والآيات الساطعة والأشياء التي تساعد على التمييز بين الحق والباطل. إن هذه المقدمة التي وضعت قبل الأمر بالصيام تحتوي على سؤال ضمني مفاده: ألا تصومون والصيام مجرب ومفيد؟ وهو لأيام معدودة، وتتوفر حتى في هذه الأيام القليلة التسهيلات المناسبة، وحين تتوافق هذه الأيام القليلة مع شهر مليء بالبركات؟" (التفسير الوسيط، المجلد الأول، ص 297)

والأهم من ذلك، أن الآية أعلاه تؤكد على أهمية قراءة وفهم وتدبر تعاليم القرآن الكريم والعمل بها. وبما أن القرآن الكريم يميز بين الصواب والخطأ بوضوح تام، فلا مجال للشك. ومن ثم فإن الصيام وتلاوة القرآن الكريم يمكن أن يزرعا في الإنسان الإيمان في كل مجالات حياته تقريبًا.

إن الإنسان الذي يصوم يتعلم من خلال تجربته الشخصية ما يعنيه الجوع والفقر والوحدة عند الشرائح الأقل حظًا من المجتمع. والامتناع خلال شهر رمضان عن مثل هذه الممارسات المسموح بها في الحياة اليومية يلعب دورًا بناء في صقل الشخصية البشرية.

الفوائد الجسدية

سوف نذكر الآن بعض الفوائد الجسدية للصيام:

أظهرت الدراسات أن صيام رمضان قد يقلل من عدد كريات الدم البيضاء ويمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومقاومة الأنسولين والسرطان.

كما وجد أن نسبة الدهون في الجسم أقل بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان مقارنة بما كانت عليه قبله أو بعد توقف صيام رمضان.كما أظهر صيام رمضان فائدة في التحكم في الجلوكوز ومستوى الدهون بين مرضى السكري من النوع الثاني فضلاً عن الانخفاض العام في وزن الجسم ومحيط الخصر.

حتى العلماء يعترفون:

"إن الصيام الديني، إلى جانب الأصول الصحية الدينية الأخرى، يمكن أن يوفر العديد من الفرص عبر مستويات متعددة، بدءًا من الفرد إلى المجتمع، والسكان، والبيئة، والكوكب، من خلال تسهيل ودعم التحولات والتغييرات المجتمعية، بما في ذلك تبني أنماط حياة أكثر صحة وعدالة واستدامة والحفاظ على أنظمة الأرض."[1]

ركزت في هذا المقال على عدد قليل من فوائد الصيام فقط. على الرغم من أن للصيام فوائد روحية ونفسية واجتماعية وجسدية لا حصر لها، حيث يقول الله تعالى:"وَاَنۡ تَصُومُوۡا خَيْۡرٌ لَّكُمْ إِنۡ كُنۡتُمۡ تَعْلَمُوۡنَ" (البقرة: 185).

إن معرفة ما هو الصيام حقًا يمكن أن يوفق الإنسان لفهم فلسفة الصيام بشكل أفضل وتنفيذه بحماس أكبر. نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لفهم بركات الصيام بشكل كامل وجني فوائده التي لا تعد ولا تحصى. آمين.