ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 07/03/2025



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 07/03/2025، والتي استهلها بقوله تعالى:

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"

ثم قال:

شهر رمضان شهر مبارك تستجاب فيه الأدعية وفيه يزداد الحضور في المساجد وهذا فضل من الله أنه على الأقل في هذه الأيام ينتبه الناس إلى ضرورة ارتياد المساجد.

يقول الله تعالى إنه يغلق في رمضان أبواب جهنم ويصفد الشياطين ويفتح أبواب الجنة، فيظن بعض الناس أن عليهم أن ينتبهوا للعبادات في رمضان فقط وهذا سيسبب لهم المغفرة ولكن هذا التفكير ليس صحيحا فالله قد نبه للعبادات في رمضان لنجعلها جزءا من حياتنا طوال السنة وإلا فالله تعالى سيقول قمتم بالعبادات في شهر واحد فماذا فعلتم في بقية السنة؟ فعلى الإنسان أن يترك هذه الفكرة أنه يكفي إعمار المساجد في رمضان فقط.

قال رسول الله ﷺ "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"
قد يظن أحدهم نظرا لهذا الحديث أنه إذا انتبه للصلوات والنوافل في رمضان فهذا كافٍ، ولكن معناه هو أن من ينتبه لعباداته في الأيام العادية فإنه سينتبه إليها في رمضان أكثر والله هو الرحمن الرحيم والغفور لذلك أعطانا هذه الفرصة حتى إذا صدرت منا الأخطاء خلال السنة أن نعقد العزم من جديد أننا لن نحطىء مرة أخرى وسنؤدي حقوق الله ونتبع أوامره. لذلك عندما أمرنا بالعبادة في رمضان فقد قصد أن ينشأ فينا الرشد والهداية ليس في شهر واحد بل فقط في الحياة كلها لذلك نبهنا تعالى مرارا من خلال حلول شهر رمضان في حياتنا كل سنة لنتذكر حقوق الله وحقوق العباد.
وعندما قال الله تعالى "إذا سألك عبادي" فمعنى العباد هم عشاق الله عز وجل فإن كان الإنسان عاشقا لله فيتوقع منه أن لا يبدي عشقه لله في شهر واحد فقط بل أن يؤدي أوامر الله طوال حياته وإذا صدرت منه تقصيرات فإنه يسعى جاهدا هذه الأيام لتجنبها، فالعشاق الصادقون يعملون بكل أوامر محبوبهم وعاشق الله لا يجد إلا الفائدة والمنفعة فيه تعالى لأنه منبع كل خير والمنجي من كل مصيبة فهو يقول ادعوني أستجب لكم فيجب أن نسأل الله قربه وأن لا ندعوه في رمضان لأجل المنافع الدنيوية بل لنيل قربه تعالى وليمن علينا بلقائه وإذا فعل ذلك فإن الإنسان لن تصدر منه الأخطاء والهفوات بعد رمضان وسيؤدي دائمًا حقوق الله وحقوق العباد.

وقال الله تعالى "ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" فالإيمان والرشد متلازمان فلذلك قال الله فليستجيبوا لي أي عليهم أن يعبدوني ويطيعوني وعندها يصبح الله وليا لهم، حيث قال تعالى في آية أخرى: "الله ولي الذين آمنوا" أي سيهبكم رضاه ويجلعلكم تنالون قربه وسيستجيب أدعيتكم. ففي رمضان علينا أن نسعى جاهدين لنيل هذه المكانة ونفكر أننا إذا تأخرنا أو تراجعنا ولم نؤد حق الله خارح رمضان فكيف يمكن أن يكون الله وليًا لنا.

لقد وضع الله شروطا لاستجابة الدعاء ومنها أن يكون الإنسان عبدا لله ويعتبره منبع كل القوى ولا يشرك به أحدًا، فيجب أن تفعلوا كل شيء من أجل الله تعالى وأن تطلبوا رحمته وتسعوا جاهدين للعمل بأوامره.

مرة كان السير تشودري ظفر الله خان في قصر الملكة فظهر عليه الاضطراب فجأة ولما سئل عن السبب قال لقد حان وقت صلاتي وهذا أمر الله وقد حان الوقت وأخشى أن تضيع صلاتي فهيأوا له مكانًا أدى فيه صلاته. فالصلاة من متقتضيات الإيمان وعلى كل واحد فينا أن يضطرب حين يحين وقتها بحيث يؤديها فورًا.

لقد أطلعنا النبي ﷺ على أمورا كثيرة من أجل كسب الحسنات وحثنا المسيح الموعود عليه السلام على كسب الحسنات في شروط بيعته التي تنبهنا لأداء حقوق الله وحقوق العباد فإذا قمنا باتباع هذه التعاليم فسيصبح الله وليًا وصديقًا لنا.

يقول المسيح الموعود عليه السلام:

"إن الدعاء برهان قوى على وجود الله تعالى، يقول عز وجل: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}؛ أي إذا سألك عبادي: أين إلهنا، وما البرهان على وجوده، فقل لهم: إني قريب جدا؛ والدليل على ذلك أنه عندما يناديني الداعي أردّ على دعائه. وهذا الرد يأتي حينًا في صورة رؤيا صالحة، وحينا آخر في شكل كشف، وتارة عن طريق الإلهام".

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في مناسبة: مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ.

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟"

وقال صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرته في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إلى بشبر تقرّبتُ إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبتُ إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".

فيجب أن تكون كل خطوة تؤدي بنا إلى الله تعالى حتى يأتينا هرولة وأن نكون عباد الله الصالحين وأن ندعوه في السراء والضرار.

إن من شفقة النبي ﷺ علينا أنه لفت انتباهنا لهذه الأدعية فالله علمه هذه الأدعية وهي كثيرة في القرآن أيضا وقد ذكرها الله لندعوا بها لكي يتقبلها ولكن قبل كل شيء أن نستجيب له ونطيعه ونعمل بأوامره وعلينا أن نفحص إيماننا لأي حد نستجيب له.

ومن أدعية النبي ﷺ الدعاء التالي الذي يجب أن نردده باستمرار.

"اللَّهُمَّ أقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا"

ندعو الله أن يوفقنا لإحداث التغيرات الطاهرة في حياتنا وأن نداوم عليها دائما آمين.